مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً مِنْ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا، وَكَذَا حَسَنَةً.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا، وَقَالَ كَانَ يَنْفُخُ النَّارَ عَلَى إبْرَاهِيمَ» ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً مِنْ أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا، وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً دُونَ الْأُولَى» . وَفِيهِ أَيْضًا «مَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ دُونَ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ» .
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَرْفُوعًا «اُقْتُلُوا الْوَزَغَ، وَلَوْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ» لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ ضَعِيفٌ.
وَفِي سُنَنِ ابْن مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ كَانَ فِي بَيْتِهَا رُمْحٌ مَوْضُوعٌ فَقِيلَ لَهَا: مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا فَقَالَتْ: نَقْتُلُ بِهِ الْوَزَغَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرْنَا أَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ دَابَّةٌ إلَّا أَطْفَأَتْ عَنْهُ النَّارَ غَيْرَ الْوَزَغِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِهَا» ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ.
وَفِي تَارِيخِ ابْنِ النَّجَّارِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً مَحَا اللَّهُ عَنْهُ سَبْعَ خَطِيئَاتٍ» . وَفِي الْكَامِلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فَكَأَنَّمَا قَتَلَ شَيْطَانًا» . وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَزَغَ فُوَيْسِقًا كَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ أَصْلَ الْفِسْقِ الْخُرُوجُ عَنْ حَيِّزِ الِاعْتِدَالِ، وَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ خَرَجَتْ عَنْ خَلْقِ مُعْظَمِ الْحَشَرَاتِ بِزِيَادَةِ الضَّرَرِ، وَالْأَذَى وَتَقْيِيدِ الْحَسَنَاتِ بِأَنَّ فِي الضَّرْبَةِ الْأُولَى مِائَةَ حَسَنَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ سَبْعِينَ مُخَرَّجٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ» مِنْ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا يُعْمَلُ بِهِ، فَذِكْرُ السَّبْعِينَ لَا يَمْنَعُ الْمِائَةَ أَوْ لَعَلَّهُ أَخْبَرَ بِالسَّبْعِينَ، ثُمَّ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِالزِّيَادَةِ فَأَخْبَرَ بِهَا، أَوْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْقَاتِلِ مِنْ حَيْثُ إخْلَاصُ النِّيَّةِ وَكَثْرَةُ الْحَسَنَاتِ فِي الْمُبَادَرَةِ أَنْ تَكُونَ الضَّرَبَاتُ فِي الْقَتْلِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الشَّرْعِ، إذْ لَوْ قَوِيَ عَزْمُهُ وَاشْتَدَّتْ حَمِيَّتُهُ لَقَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَعَدَمُ قَتْلِهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى دَلَّ عَلَى ضَعْفِ عَزْمِهِ فَلِذَلِكَ