وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ الْغُرَابُ، وَالْحَدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (وَ) كَ (عَقْرَبٍ) ، فَإِنَّهُ يَحْسُنُ قَتْلُهَا فِي الْحِلِّ، وَالْحَرَمِ لِلْحَلَالِ، وَالْمُحْرِمِ، وَالْعَقْرَبُ وَاحِدُ الْعَقَارِبِ، وَهِيَ تُؤَنَّثُ، وَالْأُنْثَى عَقْرَبَةٌ وَعَقْرَبَاءُ مَمْدُودَةٌ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ، وَالذَّكَرُ عُقْرُبَانٌ، وَهِيَ دَابَّةٌ لَهَا أَرْجُلٌ طِوَالٌ لَيْسَ ذَنَبُهُ كَذَنَبِ الْعَقَارِبِ، وَكُنْيَتُهَا أُمُّ عُرَيْطَ، وَاسْمُهَا بِالْفَارِسِيَّةِ رَشَك، وَلَهَا ثَمَانِيَةُ أَرْجُلٍ، وَعَيْنَاهَا فِي ظَهْرِهَا، وَلَا تَضْرِبُ الْمَيِّتَ وَلَا النَّائِمَ حَتَّى يَتَحَرَّكَ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ فَتَضْرِبَهُ، وَمِنْ شَأْنِهَا أَنَّهَا إذَا لَسَعَتْ الْإِنْسَانَ فَرَّتْ فِرَارَ مُسِيءٍ يَخْشَى الْعِقَابَ، وَرُبَّمَا ضَرَبَتْ الْعَقْرَبَةُ الْحَجَرَ، وَالْمَدَرَ. وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ:
رَأَيْتُ عَلَى صَخْرَةٍ عَقْرَبًا ... وَقَدْ جَعَلَتْ ضَرْبَهَا دَيْدَنًا
فَقُلْت لَهَا إنَّهَا صَخْرَةٌ ... وَطَبْعُكِ مِنْ طَبْعِهَا أَلْيَنَا
فَقَالَتْ صَدَقْتَ وَلَكِنَّنِي ... أُرِيدُ أُعَرِّفُهَا مَنْ أَنَا
وَالْعَقَارِبُ الْقَاتِلَةُ فِي مَوْضِعَيْنِ بِشَهْرَ زُورَ وَبِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ. فَرُبَّمَا تَنَاثَرَ لَحْمُ مَنْ تَلْسَعُهُ، أَوْ بَعْضُ لَحْمِهِ وَاسْتَرْخَى حَتَّى أَنَّهُ لَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ إلَّا وَهُوَ يُمْسِكُ أَنْفَهُ مَخَافَةَ أَعْدَائِهِ. وَبِنَصِيبِينَ عَقَارِبُ قَتَّالَةٌ يُقَالُ: إنَّ أَصْلَهَا مِنْ شَهْرِ زُورِ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيّ فِي ثِمَارِ مُنْتَهَى الْعُقُولِ فِي مُنْتَهَى النُّقُولِ أَنَّ مُنْتَهَى الْحَشَرَاتِ عَقْرَبٌ اسْمُهَا كُرُورٌ وَتُسَمَّى الْجَرَّارَةَ إذَا لَدَغَتْ ثُعْبَانًا قَدْرَ النَّخْلَةِ الْبَاسِقَةِ يَذُوبُ جِسْمُهُ مِنْ لَدْغَتِهَا. تَمُوتُ الْأَفَاعِي مِنْ سَمُومِ الْعَقَارِبِ.
قَالَ: وَقَدْرُ جِسْمِ هَذِهِ الْعَقْرَبِ ثَلَاثُ أُرْزَاتٍ مَوْزُونَاتٍ فِي مِيزَانِ الذَّهَبِ وَلَدَغَتْ هَذِهِ الْعَقْرَبُ طَسْتَ نُحَاسٍ فَغُسِلَ بِالطِّينِ مَرَّاتٍ فَسَقَطَتْ يَدُ الَّذِي غَسَلَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُغْسَلُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُوضَعَ فِي النَّارِ عَلَى كِيرِ الْحَدَّادِ أَوْ النَّحَّاسِ حَتَّى يَذْهَبَ أَثَرُهُ بِزَوَالِ جِسْمٍ مِنْ النُّحَاسِ، قَالَ: وَهَذِهِ الْعَقَارِبُ بِالْكَثْرَةِ فِي عَسْكَرِ مَكْرَمٍ.
وَلَدَغَتْ إنْسَانًا بِهِ الْفَالِجُ فَعُوفِيَ وَخَلَصَ مِنْهُ. وَرُبَّمَا صَحَّتْ الْأَجْسَامُ بِالْعِلَلِ. وَتَقَدَّمَتْ رُقْيَةُ الْعَقْرَبِ وَبَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.