أَكِّدْ) الْحَظْرَ وَالْحُرْمَةَ وَامْنَعْ مِنْ ذَلِكَ كُلَّ الْمَنْعِ وَلَا تُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ.
وَوَصْفُ الزِّنَا وَالْخَمْرِ وَالْمُرْدِ وَالنِّسَا ... الْفَتَيَاتِ أَوْ نَوْحِ التَّسَخُّطِ مُورِدِ
(وَ) كَذَا (وَصْفُ) سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ نَحْوِ (الزِّنَا وَ) وَصْفُ (الْخَمْرِ) الَّتِي هِيَ أُمُّ الْخَبَائِثِ (وَ) وَصْفُ (الْمُرْدِ) جَمْعُ أَمْرَدَ يَعْنِي التَّشْبِيبَ بِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الْأَمْرَدُ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ.
وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ وَالنَّرْدِ بَدَلَ الْمُرْدِ وَالْمَعْنَى صَحِيحٌ، فَإِنَّ النَّرْدَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَوَصْفُهُ وَالتَّشْبِيبُ بِهِ مَحْظُورٌ، لَكِنَّ الصَّوَابَ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَالنِّسَا الْفَتَيَاتِ) جَمْعُ فَتَاةٍ (أَوْ نَوْحِ التَّسَخُّطِ مُورَدِ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ أَوْرَدَ لِيَسْتَقِيمَ الْإِعْرَابُ فَهُوَ أَمْرٌ مِنْ أَوْرَدَ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِحَظْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ أَفْرَطَ شَاعِرٌ بِالْمِدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ يَعْنِي أَفْرَطَ بِالْهِجَاءِ وَالْمَذَمَّةِ بِمَنْعِهِ، أَوْ شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِمُرْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ، لَا إنَّ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ، وَفِي فُصُولِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالتَّرْغِيبِ تَرُدُّ شَهَادَتُهُ كَدَيُّوثٍ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ كَمَا عُلِمَ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَالَ الْحُطَيْئَةُ فِي الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ:
دَعْ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا ... وَاقْعُدْ فَإِنَّك أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي
وَسَأَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَسَّانَ وَلَبِيدًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَا إنَّهُ هِجَاءٌ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُرْمِي فِي بِئْرٍ ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ شَيْئًا، فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَحٍ ... زُغْبِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ
أَلْقَيْت كَاسِيَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ ... فَاغْفِرْ عَلَيْهِ سَلَامُ اللَّهِ يَا عُمَرُ
أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي مِنْ بَعْدِ صَاحِبِهِ ... أَلْقَتْ عَلَيْك مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشَرُ
لَمْ يُؤْثِرُوك بِهَا إذْ قَدَّمُوك لَهَا ... لَكِنْ لِأَنْفُسِهِمْ كَانَتْ بِك الْأَثَرُ
فَامْنُنْ عَلَى صِبْيَةٍ بِالرَّمْلِ مَسْكَنُهُمْ ... بَيْنَ الْأَبَاطِحِ يَغْشَاهُمْ بِهَا الْعُذْرُ
أَهْلِي فِدَاؤُك كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ... مِنْ عَرْضِ دَاوِيَّةٍ يُعْمَى بِهَا الْخَبَرُ
فَحِينَئِذٍ كَلَّمَهُ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -