وَتَحُوطُ سَائِمَةَ الدِّيَارِ وَتَارَةً ... تُرْدِي الْعِدَا وَتَئُوبُ بِالْأَسْلَابِ

حُوشُ الْوُحُوشِ مَطَارَةٌ عِنْدَ الْوَغَى ... عُبْسُ اللِّقَاءِ مُبِينَةَ الْأَنْجَابِ

عُلِفَتْ عَلَى دَعَةٍ فَصَارَتْ بُدَّنًا ... دُخْسُ الْبَضِيعِ خَفِيفَةَ الْأَقْصَابِ

يَغْدُونَ بِالزَّعْفِ الْمُضَاعَفِ شَكُّهُ ... وَبِمُتْرِصَاتٍ فِي الثِّقَافِ صِبَابِ

وَصَوَارِمٍ نَزَعَ الصَّيَاقِلُ عَلْبَهَا ... وَبِكُلِّ أَرْوَعَ مَاجِدِ الْأَنْسَابِ

يَصِلُ الْيَمِينَ بِمَارِنٍ مُتَقَارِبٍ ... وُكِلَتْ وَقِيعَتُهُ إلَى خَبَّابِ

وَأَغَرَّ أَزْرَقَ فِي الْقَنَاةِ كَأَنَّهُ ... فِي طُخْيَةِ الظَّلْمَاءِ ضَوْءُ شِهَابٍ

وَكَتِيبَةٍ يَنْفِي الْقِرَانُ قَتِيرَهَا ... وَتَرُدُّ حَدَّ قَوَاحِزِ النُّشَّابِ

جَأْوَى مُلَمْلَمَةٍ كَأَنَّ رِمَاحَهَا ... فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ صَرِيمَةُ غَابٍ

تَأْوِي إلَى ظِلِّ اللِّوَاءِ كَأَنَّهُ ... فِي صَعْدَةِ الْخُطَى فَيْءُ عُقَابِ

أَعْيَتْ أَبَا كَرِبٍ وَأَعْيَتْ تُبَّعًا ... وَأَبَتْ بَسَالَتُهَا عَلَى الْأَعْرَابِ

وَمَوَاعِظ مِنْ رَبِّنَا نُهْدَى بِهَا ... بِلِسَانِ أَزْهَرَ طَيِّبِ الْأَثْوَابِ

عُرِضَتْ عَلَيْنَا فَاشْتَهَيْنَا ذِكْرَهَا ... مِنْ بَعْدِ مَا عُرِضَتْ عَلَى الْأَحْزَابِ

حِكَمًا يَرَاهَا الْمُجْرِمُونَ بِزَعْمِهِمْ ... حَرَجًا وَيَفْهَمُهَا ذَوُو الْأَلْبَابِ

جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:

جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ

قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ شَكَرَك اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِك هَذَا قَالَ الشَّمْسُ الشَّامِيُّ فِي سِيرَتِهِ: سَخِينَةُ لَقَبٌ لِقُرَيْشٍ.

قَالَ فِي الرَّوْضِ: ذَكَرُوا أَنَّ قُصَيًّا كَانَ إذَا ذَبَحَتْ قُرَيْشٌ ذَبِيحَةً أَوْ نَحَرَتْ نَحِيرَةً بِمَكَّةَ أَتَى بِعَجُزِهَا فَصَنَعَ مِنْهُ خَزِيرَةً وَهِيَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ بِوَزْنِ جَزِيرَةٍ وَهِيَ لَحْمٌ يُطْبَخُ يَسِيرًا فَيُطْعِمُهُ النَّاسَ، فَسُمِّيَتْ قُرَيْشٌ بِهَا سَخِينَةَ.

وَقِيلَ إنَّ الْعَرَبَ كَانُوا إذَا أَسْنَتُوا أَكَلُوا الْعِلْهِزَ وَهُوَ الْوَبَرُ وَالدَّمُ، وَتَأْكُلُ قُرَيْشٌ الْخَزِيرَةَ وَاللَّفِيفَةَ، فَنَفِسَتْ عَلَيْهِمْ الْعَرَبُ بِذَلِكَ فَلَقَّبُوهُمْ سَخِينَةَ. قَالَ وَلَمْ تَكُنْ قُرَيْشٌ تَكْرَهُ هَذَا اللَّقَبَ وَلَوْ كَرِهَتْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015