(و) مثل قولهم (قطعت أصابعه من الخنصر) بكسر أوله مع كسر ثالثه أو فتحه (إلى الإبهام) من غاية شملها عموم لو لم تذكر وأريد بها تحقيقه. (فلتحقيق) أي فالغاية فيه لتحقيق (العموم) . فيما قبلها لا لتخصيصه فتحقيق العموم في الأول أن الليلة سلام في جميع أجزائها، وفي الثاني أن الأصابع قطعت كلها، والغاية في الثاني من المغيا بخلافها في الأول، وقولي إلى الإبهام أوضح من قوله إلى البنصر. (و) خامسها (بدل بعض) من كل كما ذكره ابن الحاجب كـ {ـلَّله على الناس حج البيت من استطاع} (أو) بدل (اشتمال) كما نقله مع ما قبله البرماوي عن أبي حيان عن الشافعي كأعجبني زيد علمه وهو من زيادتي إلا أن يقال إنه يرجع إلى ما قبله تجوّزا. (ولم يذكره) أي البدل بشقيه (الأكثر) ، بل أنكره جماعة منهم الشمس الأصفهاني، وصوّب عدم ذكره السبكي كما نقله عنه ابنه في الأصل لأن المبدل منه في نية الطرح، فلا محل يخرج منه فلا تخصيص به. وأجاب عنه البرماوي بأن كونه في نية الطرح قول والأكثر على خلافه، قال السيرافي والنحويون لم يريدوا إلغاءه وإنما أرادوا أن البدل قائم بنفسه وليس مبينا للأول كتبيين النعت للمنعوت.

(و) القسم الثاني من المخصص (منفصل) أي ما يستقل بنفسه من لفظ أو غيره (فيجوز في الأصح التخصيص بالعقل) سواء أكان بواسطة الحس من مشاهدة وغيرها من الحواس الظاهرة أم بدونها فالأول كقوله تعالى في الريح المرسلة على عاد تدمر كل شيء أي تهلكه، فإن العقل يدرك بواسطة الحس أي المشاهدة ما لا تدمير فيه كالسماء، والثاني كقوله تعالى {خالق كل شيء} فإن العقل يدرك بالضرورة أنه تعالى ليس خالقا لنفسه ولا لصفاته الذاتية، وكقوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} فإن العقل يدرك بالنظر أن الطفل والمجنون لا يدخلان لعدم الخطاب، وقيل لا يجوز ذلك لأن ما نفي العقل حكم العام عنه لم يشمله العام إذ لا تصح إرادته، وذكر الأصل أن الخلف لفظي، وفيه بحث ذكرته في الحاشية، ولهذا تركته هنا، وبما تقرر علم أن التخصيص بالعقل شامل للحس كما سلكه ابن الحاجب، لأن الحاكم فيه إنما هو العقل فلا حاجة إلى إفراده بالذكر خلافا لما سلكه الأصل. (و) يجوز في الأصح (تخصيص الكتاب به) أي بالكتاب وهو من تخصيص قطعي المتن بقطعيه كتخصيص قوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء} الشامل للحوامل ولغير المدخول بهنّ بقوله {وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ} وبقوله {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهنّ من قبل أن تمسوهنّ فما لكم عليهنّ من عدة تعتدونها} وقيل لا يجوز ذلك لقوله تعالى {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} فوّض البيان إلى رسوله والتخصيص بيان فلا يحصل إلا بقوله قلنا وقع ذلك كما رأيت.

فإن قلت يحتمل التخصيص بغير ذلك من السنة. قلنا الأصل عدمه وبيان الرسول يصدق ببيان ما نزل عليه من الكتاب، وقد قال تعالى {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} .

(و) يجوز في الأصح تخصيص (السنة) المتواترة وغيرها (بها) أي بالسنة كذلك كتخصيص خبر الصحيحين فيما سقت السماء العشر، بخبرهما ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. وقيل لا يجوز لآية {وأنزلنا إليك الذكر} قصر بيانه على الكتاب. قلنا وقع ذلك كما رأيت مع أنه لا مانع منه لأنهما من عند الله قال تعالى {وما ينطق عن الهوى} (و) يجوز في الأصح تخصيص (كل) من الكتاب والسنة (بالآخر) فالأول كتخصيص آية المواريث الشاملة للولد الكافر بخبر الصحيحين «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» . فهذا تخصيص بخبر الواحد فبالمتواترة أولى، وقيل لا يجوز بالمتواترة الفعلية بناء على قول يأتي وأن فعل الرسول لا يخصص، وقيل لا يجوز بخبر الواحد مطلقا، وإلا لترك القطعي بالظني. قلنا محل التخصيص دلالة العام وهي ظنية والعمل بالظنيين أولى من إلغاء أحدهما. وقيل يجوز إن خص بمنفصل لضعف دلالته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015