كانت المتعاطفات أو مفردات كأكرم العلماء وحبس ديارك وأعتق عبيدك وكتصدق على الفقراء والمساكين والعلماء سواء أسيقت لغرض واحد أم لا، وسواء تقدم الاستثناء عليها أم تأخر أم توسط، فتعبيري بذلك أولى من اقتصاره على ما إذا تأخر، وقيل للأخير فقط لأنه المتيقن، وقيل إن سيق الكل لغرض واحد عاد للكل كحبست داري على أعمامي، ووقفت بستاني على أخوالي، وسبلت سقايتي لجيراني إلا أن يسافروا وإلا عاد للأخير فقط، كأكرم العلماء وحبس ديارك على أقاربك، وأعتق عبيدك إلا الفسقة منهم، وقيل إن عطف بالواو عاد للكل، وإلا فللأخير. وقيل مشترك بين عوده للكل وعوده للأخير، وقيل بالوقف لا ندري ما الحقيقة منهما، ويتبين المراد على الأخيرين بالقرينة وحيث وجدت فلا خلاف كما في قوله تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} إلى قوله

{إلا من تاب} فإنه عائد للكل بلا خلاف، وقوله تعالى {ومن قتل مؤمنا خطأ} إلى قوله {إلا أن يصدقوا} فإنه عائد إلى الأخير أي الدية دون الكفارة بلا خلاف أما قوله {والذين يرمون المحصنات} إلى قوله {إلا الذين تابوا} فإنه عائد للأخير لا للأول أي الجلد قطعا لأنه حق آدمي فلا يسقط بالتوبة، وفي عوده للثاني أي عدم قبول الشهادة الخلاف، فعلى الأصح تقبل، وعلى الثاني لا تقبل وخرج بالمشترك غيره كبل ولكن وأو فلا يعود ذلك إلا للأخير.

(و) الأصح (أن القران بين جملتين لفظا) بأن تعطف إحداهما على الأخرى (لا يقتضي التسوية) بينهما. (في حكم لم يذكر) وهو معلوم لإحداهما من خارج فيعطف واجب على مندوب أو مباح وعكسه. وقيل يقتضيها فيه مثاله خبر أبي داود «لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة» فالبول فيه ينجسه بشرطه كما هو معلوم وذلك حكمة النهي. قال بعض القائل بالثاني، فكذا الاغتسال فيه للقران بينهما، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى {فكاتبوهم} الآية. (و) ثاني المخصصات المتصلة (الشرط) . والمراد اللغوي كما مر. (وهو) ما زدته بقولي (تعليق أمر بأمر كل منهما في المستقبل أو ما يدل عليه) من صيغة نحو أكرم بني تميم إن جاءوا أي الجائين منهم. (وهو) أي الشرط المخصص (كالاستثناء) اتصالاً وعودا لكل المتعاطفات وصحة لإخراج الأكثر به نحو أكرم بني تميم إن كانوا علماء، ويكون جهالهم أكثر، فيجب مع نية الشرط اتصاله وعوده للكل، ولو تقدم أو توسط. ويصح إخراج الأكثر به في الأصح، وقيل وفاقا. وعليه جرى الأصل في الثالث لكن أجيب عنه بأنه أراد به وفاق من خالف في الاستثناء فقط. (و) ثالثها (الصفة) المعتبر مفهومها كأكرم بني تميم الفقهاء خرج بالفقهاء غيرهم. (و) رابعها (الغاية) كأكرم بني تميم إلى أن يعصوا خرج حال عصيانهم فلا يكرمون فيه. (وهما) أي الصفة والغاية (كالاستثناء) اتصالاً وعودا، وصحة إخراج الأكثر بهما فيجب مع نيتهما اتصالهما وعودهما للكل، ولو تقدمتا أو توسطتا، ويصح إخراج الأكثر بهما في الأصح خلافا لما اختاره، وتبعه عليه البرماوي من اختصاص الصفة المتوسطة بما وليته، وذلك كوقفت على أولادي وأولادهم المحتاجين، ووقفت على محتاجي أولادي وأولادهم، ووقفت على أولادي المحتاجين وأولادهم، فيعود الوصف للكل على الأصل في اشتراك المتعاطفات، ولأن المتوسطة بالنسبة لما وليته متأخرة ولما وليها متقدمة، بل قيل إن عودها إليهما أولى مما إذا تقدمتهما،

وقد أوضحت ذلك في الحاشية واقتصاري على كالاستثناء أولى من قوله كالاستثناء في العود.

(والمراد) بالغاية (غاية صحبها عموم يشملها) ظاهرا لو لم تأت بقيد زدته بقولي (ولم يرد بها تحقيقه مثل) ما مرّ، ومثل قوله تعالى {قاتلوا الذين لا يؤمنون} إلى قوله {حتى يعطوا الجزية} فإنها لو لم تأت لقاتلناهم أعطوا الجزية أم لا. (وأما مثل) قوله تعالى {سلام هي حتى مطلع الفجر} من غاية لم يشملها عموم صحبها، إذ طلوع الفجر ليس من الليلة حتى تشمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015