يا أيها النبي) اتق الله. يا أيها المزمل (لا يشمل الأمة) من حيث الحكم لاختصاص الصيغة به، وقيل يشملهم لأن الأمر للمتبوع أمر لتابعه عرفا كما في أمر السلطان الأمير بفتح بلد. قلنا هذا فيما يتوقف المأمور به على المشاركة وما نحن فيه ليس كذلك، ومحل الخلاف ما يمكن فيه إرادة الأمة معه ولم تقم قرينة على إرادتهم معه، بخلاف ما لا يمكن فيه ذلك نحو {يا أيها الرسول بلغ} الآية. أو قامت قرينة على إرادتهم معه نحو {يا أيها النبي إذا
طلقتم النساء} الآية.
(
و) الأصح (أن نحو يا أيها الناس يشمل الرسول) عليه الصلاة والسلام. (وإن اقترن بقل) لمساواتهم له في الحكم، وقيل لا يشمله مطلقا لأنه ورد على لسانه للتبليغ لغيره، وقيل إن اقترن بقل لم يشمله لظهوره في التبليغ وإلا شمله. (و) الأصح (أنه) أي نحو يا أيها الناس. (يعم العبد) . وقيل لا لصرف منافعه لسيده شرعا قلنا في غير أوقات ضيق العبادة. (و) الأصح أنه (يشمل الموجودين) وقت وروده (فقط) أي لا من بعدهم وقيل يشملهم أيضا لمساواتهم للموجودين في حكمه إجماعا قلنا بدليل آخر وهو مستند الإجماع لا منه. (و) الأصح (أن من) شرطية كانت أو استفهامية أو موصولة أو موصوفة أو تامة فهو أعم من قوله إن من الشرطية. (تشمل النساء) لقوله تعالى {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى} وقيس بالشرطية البقية، لكن عموم الأخيرتين في الاثبات عموم بدلي لا شمولي، وقيل تختص بالذكور فلو نظرت امرأة في بيت أجنبي جاز رميها على الأول لخبر مسلم «من تطلع على بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينيه» . ولا يجوز على الثاني قيل ولا على الأول أيضا لأن المرأة لا يستتر منها. (و) الأصح (أن جمع المذكر السالم لا يشملهنّ) أي النساء (ظاهرا) وإنما يشملهنّ بقرينة تغليبا للذكور، وقيل يشملهنّ ظاهرا لأنه لما كثر في الشرع مشاركتهنّ للذكور في الأحكام أشعر بأن الشارع لا يقصد بخطاب الذكور قصر الأحكام عليهم وخرج بما ذكر اسم الجمع كقوم، وجمع المذكر المكسر الدالّ بمادته كرجال وما يدل على جمعيته بغير ما ذكر كالناس فلا يشمل الأولان النساء قطعا ويشملهنّ الثالث قطعا، وأما الدال لا بمادته كالزيود فملحق بجمع المذكر السالم. (و) الأصح (أن خطاب الواحد) مثلاً بحكم (لا يتعداه) إلى غيره، وقيل يعم غيره لجريان عادة الناس بخطاب الواحد وإرادة الجميع فيما يشاركون فيه. قلنا مجاز يحتاج إلى قرينة. (و)
الأصح (أن الخطاب بيا أهل الكتاب) وهم اليهود والنصارى نحو قوله تعالى {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم} (لا يشمل الأمة) أي أمة محمد صلى الله عليه وسلّم الخاصة، وقيل يشملهم فيما يتشاركون فيه، وتقدم في مبحث الأمر الكلام على أن الآمر بالمدّ هل يدخل في لفظه أو لا. (و) الأصح أن (نحو خذ من أموالهم) من كل اسم جنس مأمور بنحو الأخذ منه مجموع مجرور بمن. (يقتضي الأخذ) مثلاً (من كل نوع) من أنواع المجرور ما لم يخص بدليل، وقيل لا بل يمتثل بالأخذ من نوع واحد. وتوقف الآمدي عن ترجيح واحد من القولين، والأول نظرا إلى أن المعنى من جميع الأنواع، والثاني إلى أنه من مجموعهما.
وهو مصدر خصص بمعنى خص (قصر العام) أي قصر حكمه. (على بعض أفراده) أي يخص بدليل فيخرج العام المراد به الخصوص. (وقابله) أي التخصيص (حكم ثبت لمتعدّد) لفظا نحو {فاقتلوا المشركين} وخص منه الذمي ونحوه، وعلى القول بأن العموم يجري في المعنى كاللفظ مثلوا له بمفهوم {فلا تقل لهما أف} من سائر أنواع الإيذاء وخص منه حبس الوالد بدين الولد فإنه جائز على ما صححه الغزالي وغيره، والأصح أنه لا يجوز كما صححه البغوي وغيره. (والأصح جوازه) أي التخصيص (إلى واحد إن لم يكن العام جمعا) كمن والمفرد المعرف. (و) إلى (أقل الجمع) ثلاثة أو اثنين (إن كان) جمعا كالمسلمين والمسلمات، وقيل يجوز إلى واحد مطلقا، وقيل لا يجوز إلى واحد مطلقا وهو شاذ، وقيل لا يجوز إلا أن يبقى غير محصور. (والعام المخصوص عمومه مراد تناولاً لا حكما) لأن بعض الأفراد لا يشمله الحكم نظرا للمخصص. (و) العام (المراد به الخصوص ليس) عمومه (مرادا) تناولاً ولا حكما، (بل) هو (كلي) من حيث إن له أفرادا بحسب أصله. (استعمل في جزئي) أي فرد منها، (فهو مجاز قطعا) . نظرا للجزئية كقوله تعالى {الذين قال لهم الناس} ، أي نعيم ابن مسعود الأشجعي لقيامه مقام كثير في تثبيطه المؤمنين عن ملاقاة