(وجوابه) أي القدح بشيء منها (بالبيان) له. الأول بيان رجحان المصلحة على المفسدة، كأن يقال التخلي للعبادة أفضل من النكاح لما فيه من تزكية النفس فيعترض بأن تلك المصلحة تفوّت أضعافها كإيجاد الولد وكف النظر وكسر الشهوة، فيجاب بأن تلك المصلحة أرجح مما ذكر لأنها لحفظ الدين وما ذكر لحفظ النسل، والثاني ببيان إفضاء الحكم إلى المقصود كأن يقال تحريم المحرم بالمصاهرة مؤبدا صالح، لأن يفضي إلى عدم الفجور بها المقصود من شرع التحريم فيعترض بأنه ليس صالحا لذلك، بل للافضاء إلى الفجور لأن النفس مائلة إلى الممنوع. فيجاب بأن تحريمها المؤبد لسد باب الطمع فيها بحيث تصير غير مشتهاة كالأم، والثالث ببيان انضباط الوصف بنفسه أو بوصف معه يضبطه كالسفر للمشقة، والرابع ببيان ظهوره بأن يبينه بصفة ظاهرة كأن يعلل في القود بالرضا فيعترض بأن الرضا أمر خفي فلا يعلل به، فيجاب ببيان ظهوره بصفة ظاهرة تدل عليه وهي الصيغة.
(ومنها) أي من القوادح (الفرق) بين الأصل والفرع (والأصح أنه معارضة بإبداء قيد في علية) حكم (الأصل أو) إبداء (مانع في الفرع) يمنع من ثبوت حكم الأصل فيه (أو بهما) أي بالابداءين معا. وقيل هو الثالث فقط مثاله على الشق الأول أن يقول الشافعي تجب النية في الوضوء كالتيمم بجامع الطهارة عن حدث، فيعترض الحنفي بأن العلة في الأصل الطهارة بالتراب، وعلى الثاني أن يقول الحنفي يقاد المسلم بالذميّ كغير المسلم بجامع القتل العمد العدوان فيعترض الشافعي بأن الإسلام في الفرع مانع من القود، وعلى الثالث أن يعارض بالابداءين وما عرفت به الفرق أولى من تعريف الأصل له بأنه راجع إلى المعارضة في الأصل، أو الفرع وقيل إليهما لأنه أحاله على ما لم يذكره مع إيهام أن المعارضة بالابداءين ليست فرقا مطلقا وليس كذلك. (و) الأصح (أنه) أي الفرق (قادح) وإن قيل إنه بالثالث أو بالضعيف سؤالان. أو قلنا بجواز تعدّد العلل لأنه يؤثر في جميع المستدل، ولأنه لو لم يقدح لم يمتنع التحكم واللازم باطل وقيل ليس بقادح، وقيل كذلك على القول بأنه بالثالث سؤالان لا سؤال واحد، إذ جمع الأسئلة المختلفة غير مقبول ومعنى كونه سؤالاً واحدا اتحاد المقصود منه وهو قطع الجمع، ومعنى كونه سؤالين اشتماله على معارضة علة الأصل بعلة وعلى معارضة الفرع بأخرى مستنبطة. (وجوابه) أي الفرق (بالمنع) كأن يمنع كون المبدى في الأصل جزءا من العلة وفي الفرع مانعا من الحكم وهذا من زيادتي (و) الأصح (أنه يجوز تعدد الأصول) لفرع واحد بأن يقاس عليها لقوّة الظن به، وصححه ابن الحاجب وغيره وهو الموافق لجواز تعدد العلل وقيل يمتنع تعددها، وإن جوز تعدد العلل لانتشار البحث في ذلك مع إمكان حصول المقصود بواحد منها وصححه الأصل. (فلو فرق بين الفرع وأصل منها كفى) في القدح فيها (في الأصح) لأنه يبطل جمعها المقصود، وقيل لا يكفي لاستقلال كل منها وقيل يكفي إن قصد الإلحاق بمجموعها، لأنه
يبطله بخلاف ما إذا قصد بكل منها (في اقتصار المستدل على جواب أصل) واحد منها، وقد فرق المعترض بين جميعها. (قولان) أحدهما يكفي لحصول المقصود بالدفع عن واحد منها، والثاني لا يكفي لأنه التزم الجميع فلزمه الدفع عنه، وهذا هو الأوجه الموافق للأصح قبله.
(ومنها) أي من القوادح، (فساد الوضع بأن لا يكون الدليل صالحا لترتيب الحكم) عليه كأن يكون صالحا لضد ذلك الحكم أو نقيضه (كتلقي) أي استنتاج (التخفيف من التغليظ والتوسيع من التضييق والإثبات من النفي) . وعكسه (وثبوت اعتبار الجامع) في قياس المستدل (بنص أو إجماع في نقيض الحكم) ، أو ضده في ذلك القياس، فالأول كقول الحنفية القتل عمدا جناية عظيمة لا يجب له كفارة كالردة فعظم الجناية يناسب تغليظ الحكم لا تخفيفه بعدم وجوب الكفارة، والثاني كقولهم الزكاة وجبت على وجه الارتفاق لدفع الحاجة، فكانت على التراخي كالدية