للصحة عند القائل بها ثبوت ما ذكر لا اشتراطه، (ومنه) أي من القلب لإبطال مذهب المستدل بالالتزام. (قلب المساواة فيقبل في الأصح) وهو أن يكون في جهة الأصل حكمان أحدهما منتف عن جهة الفرع باتفاق الخصمين، والآخر متنازع فيه بينهما فإذا أثبته المستدل في الفرع قياسا على الأصل يقول المعترض فيجب التسوية بين الحكمين في جهة الفرع كما في جهة الأصل (مثل) قول الحنفي في الوضوء والغسل كل منهما (طهر بمائع فلا تجب فيه النية كالنجاسة) أي إزالتها لا يجب فيها النية بخلاف التيمم يجب فيه النية. (فيقال) من جانب المعترض كالشافعي (يستوي جامده ومائعه) أي الطهر (كالنجاسة) يستوي جامد طهرها ومائعه في جميع أحكامها. وقد وجبت النية في التيمم، فتجب في الوضوء والغسل، وقيل لا يقبل قلب المساواة، لأن التسوية في جهة الفرع غيرها، في جهة الأصل، وأجاب الأكثر بأن هذا الاختلاف لا يضر في القياس، لأنه غير مناف لأصل الاستواء في الوصف الذي جعل جامعا وهو الطهارة.
(ومنها) أي من القوادح (القول بالموجب) بفتح الجيم أي بما اقتضاه الدليل ولا يختص بالقياس وشاهده قوله تعالى {ولله العزة ولرسوله} في جواب ليخرجنّ الأعز منها الأذل، المحكي عن المنافقين أي صحيح ذلك لكنهم الأذل والله ورسوله الأعز وقد أخرجهم الله ورسوله. (وهو تسليم) مقتضي (الدليل مع بقاء النزاع) ، بأن يظهر عدم استلزام الدليل لمحل النزاع وورد ذلك على ثلاثة أنواع. أحدها أن يستنتج المستدل من دليله ما يتوهم أنه محل النزاع أو ملازم له ولا يكون كذلك. والثاني أن يستنتج منه إبطال أمر يتوهم أنه مأخذ مذهب الخصم والخصم يمنع أنه مأخذه. والثالث أن يسكت عن مقدمة صغرى غير مشهورة. فالأول (ما يقال في) القود بقتل (المثقل) من جانب المستدل كالشافعي (قتل بما يقتل غالبا فلا ينافي القود كالإحراق) بالنار لا ينافي القود، (فيقال) من جانب المعترض كالحنفي (سلمنا عدم المنافاة) بين القتل بالمثقل وبين القود، (لكن لم قلت) إن القتل بالمثقل (يقتضيه) أي القود وذلك محل النزاع ولم يستلزمه الدليل. (و) الثاني (كما يقال) في القود بالقتل بالمثقل أيضا (التفاوت في الوسيلة) من آلات القتل وغيره (لا يمنع القود كالتوسل إليه) من قتل وقطع وغيرهما لا يمنع تفاوته القود (فيقال) من جانب المعترض (مسلم) أن التفاوت في الوسيلة لا يمنع القود فلا يكون مانعا منه، (لكن لا يلزم من إبطال مانع انتفاء الموانع ووجود الشرائط والمقتضي) وثبوت القود متوقف عل جميعها، (والمختار تصديق المعترض في قوله) للمستدل (ليس هذا) الذي عنيته باستدلالك تعريضا بي من منع التفاوت في الوسيلة للقود (مأخذي) في نفي القود، لأن عدالته تمنعه من الكذب في ذلك لأنه أعلم بمذهبه، وقيل لا يصدق إلا ببيان مأخذ آخر لأنه قد يعاند بما قاله. والثالث ما ذكرته بقولي (وربما سكت المستدل عن مقدمة غير مشهورة مخافة المنع) لها لو صرح بها (فيرد) بسكوته عنها (القول بالموجب) كما يقال في
اشتراط النية في الوضوء والغسل ما هو قربة يشترط فيه النية كالصلاة ويسكت عن الصغرى وهي الوضوء والغسل قربة، فيقول المعترض مسلم أن ما هو قربة يشترط فيه النية، لكن لا يلزم اشتراطها في الوضوء والغسل، فإن صرح المستدل بأنهما قربة ورد عليه منع ذلك وخرج عن القول بالموجب أما المشهورة فكالمذكورة فلا يتأتى فيها القول بالموجب.
(ومنها) أي من القوادح (القدح في المناسبة) الوصف المعلل به الحكم. (وفي صلاحية إفضاء الحكم إلى المقصود) من شرعه (وفي الانضباط) للوصف المذكور، (وفي الظهور) له بأن ينفي كلاً من الأربعة بأن يبدي في أوّلها مفسدة راجحة أو مساوية لما مر من أنها تنخرم بذلك، ويبين في ثانيها عدم الصلاحية للافضاء، وفي ثالثها عدم الانضباط، وفي رابعها عدم الظهور.