طيبا ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا» . (فـ) ـفي كلام (الراوي الفقيه فـ) ـفي كلام الراوي (غيره) أي غير الفقيه، وتكون فيهما في الحكم فقط، وقال بعض المحققين في الوصف فقط، لأن الراوي يحكي ما في الوجود، وذلك كقول عمران بن حصين «سها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسجد» . رواه أبو داود وغيره وكل من القولين صحيح، وإن كان الأوّل أظهر معنى، والثاني أدق كما بينته في الحاشية. (فإن) المكسورة المشددة كقوله تعالى {رب لا تذر على الأرض من الكافرين} الآية. وتعبيري بالفاء في الأخيرة من زيادتي. (وإذ) نحو ضربت العبد إذا أساء أي لإساءته. (وما مرّ في) مبحث (الحروف) ، ما يرد للتعليل غير المذكور هنا وهو بيد وحتى وعلى وفي ومن فلتراجع، وإنما لم تكن المذكورات من الصريح لمجيئها لغير التعليل كالعاقبة في اللام والتعدية في الباء، ومجرد العطف في الفاء ومجرد التأكيد في إنّ والبدل في إذ كما مرّ في مبحث الحروف.
(الثالث) من مسالك العلة (الإيماء وهو) لغة الإشارة الخفية واصطلاحا (اقتران وصف ملفوظ بحكم ولو) كان الحكم (مستنبطا) كما يكون ملفوظا (لو لم يكن للتعليل هو) أي الوصف (أو نظيره) لنظير الحكم حيث يشار بالوصف والحكم إلى نظيرهما أي لو لم يكن ذلك من حيث اقترانه بالحكم لتعليل الحكم به (كان) ذلك الاقتران (بعيدا) من الشارع لا يليق بفصاحته وإتيانه بالألفاظ في محالها والإيماء (كحكمه) أي الشارع (بعد سماع وصف) كما في خبر الأعرابيّ «واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «أعتق رقبة» . إلى آخره. رواه ابن ماجة بمعناه، وأصله في الصحيحين فأمره بالإعتاق عند ذكر الوقاع يدل على أنه علة له، وإلا لخلا السؤال عن الجواب وذلك بعيد فيقدر السؤال في الجواب فكأنه قال واقعت فأعتق. (وذكره في حكم وصفا لو لم يكن علة) له (لم يفد) ذكره كقوله صلى الله عليه وسلّم «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان» . فتقييده المنع من الحكم بحالة الغضب المشوش للفكر يدل على أنه علة له، وإلا لخلا ذكره عن الفائدة وذلك بعيد. (وتفريقه بين حكمين بصفة) إما (مع ذكرهما) كخبر الصحيحين «أنه صلى الله عليه وسلّم جعل للفرس سهمين وللرجل» . أي صاحبه «سهما» ، فتفريقه بين هذين الحكمين بهاتين الصفتين لو لم يكن لعلية كل منهما لكان بعيدا. (أو) مع (ذكر أحدهما) فقط كخبر الترمذي «القاتل لا يرث» أي بخلاف غيره المعلوم إرثه فالتفريق بين عدم الإرث المذكور والإرث المعلوم بصفة القتل في الأول لو لم يكن لعليته له لكان بعيدا. (أو) تفريقه بين حكمين، إما (بشرط) كخبر مسلم «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبرّ بابرّ والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» . فالتفريق بين منع البيع في هذه الأشياء متفاضلاً وجوازه عند اختلاف الجنس لو لم يكن لعلية الاختلاف للجواز
لكان بعيدا. (أو غاية) كقوله تعالى {ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن} أي فإذا تطهرن فلا منع من قربانهنّ كما صرّح به عقبه بقوله {فإذا تطهرن فأتوهن} فتفريقه بين المنع من قربانهنّ في الحيض وجوازه في الطهر لو لم يكن لعلية الطهر للجواز لكان بعيدا. (أو استثناء) كقوله تعالى {فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون} أي الزوجات عن النصف فلا شيء لهن فتفريقه بين ثبوت النصف لهنّ وانتفائه عند عفوهنّ عنه لو لم يكن لعلية العفو للانتفاء لكان بعيدا. (أو استدراك) كقوله تعالى؛ {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} إلى آخره فتفريقه بين عدم المؤاخذة بالإيمان والمؤاخذة بها عند تعقيدها لو لم يكن لعلية التعقيد للمؤاخذة