ضعف معنى المظنة فيه وسلم ما ذكر، بخلاف ما إذا ألغاه بغير الدعوتين أو بالثانية ولم يسلم ما ذكر فلا تزول فائدة إلغائه.
(وقيل دعواهما) أي القصور وضعف معنى المظنة مع التسليم (إلغاء) للخلف أيضا ينافي الأولى على امتناع التعليل بالقاصرة، وفي الثانية على تأثير ضعف المعنى في المظنة فلا تزول فيهما فائدة الإلغاء الأول، مثال تعدد الوضع ما يأتي فيما يقال يصح أمان العبد للحربي كالحرّ بجامع الإسلام والتكليف، فإنهما مظنتا إظهار مصلحة الإيمان من بذل الأمان فيعترض الحنفي باعتبار الحرّية معهما فإنها مظنة فراغ القلب للنظر بخلاف الرقبة لاشتغال الرقيق بخدمة سيده فيلغي الشافعي الحرّية بثبوت الأمان بدونها في العبد المأذون له في القتال اتفاقا فيجيب الحنفي بأن الإذن له خلف الحرّية لأنه مظنة بذل وسعه في النظر في مصلحة القتال والإيمان (ولا يكفي) في دفع المعارضة (رجحان وصف المستدل) على وصفها بمرجح، ككونه أنسب أو أشبه من وصفها بناء على جواز تعدد العلل، فيجوز أن يكون كل من الوصفين علة، وقيل يكفي بناء على منع التعدد ورجحه الأصل. (وقد يعترض) على المستدل (باختلاف جنس الحكمة) في الفرع والأصل. (وإن اتحد الجامع) بين الفرع والأصل كما يأتي فيما يقال يحدّ اللائط كالزاني بجامع إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا، فيعترض بأن الحكمة في حرمة اللواط الصيانة عن رذيلته، وفي حرمة الزنا دفع اختلاط الأنساب المؤدي هو إليه وهما مختلفتان، فيجوز أن يختلف حكمهما بأن يقصر الحد على الزنا فيكون خصوصه معتبرا في علة الحد. (فيجاب) عن الاعتراض (بحذف خصوص الأصل عن الاعتبار) في العلة بطريق من طرق إبطالها، فيسلم أن العلة هي القدر المشترك فقط كما مرّ في المثال لا مع خصوص الزنا فيه. (والعلة إذا كانت وجود مانع) من الحكم كأبوّة القاتل المانعة من وجوب قتله بولده، (أو انتفاء شرط) كعدم إحصان الزاني المشترط لوجوب رجمه (لا تستلزم وجود المقتضي في الأصح) . وقيل تستلزمه، وإلا كان انتفاء الحكم لانتفاء المقتضي لا لما فرض من وجود مانع أو انتفاء شرط، قلنا يجوز أن
يكون انتفاؤه لما فرض أيضا لجواز تعدد العلل.
أي هذا مبحث الطرق الدالة على علية الشيء.
(الأول الإجماع) كالإجماع على أن العلة في خبر الصحيحين «لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان» . تشويش الغضب للفكر فيقاس بالغضب غيره مما يشوّش الفكر نحو جوع وشبع مفرطين، وكالإجماع على أن العلة في تقديم الأخ الشقيق في الإرث على الأخ للأب اختلاط النسبين فيه فيقاس به تقديمه عليه في ولاية النكاح، وصلاة الجنازة ونحوهما.
(الثاني) من مسالك العلة (النص الصريح) بأن لا يحتمل غير العلة (كلعلة كذا فلسبب) كذا (فمن أجل) كذا (فنحو كي) التعليلية (وإذن) كقوله تعالى {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل} ، {كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} ، {إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات} وفيما عطف بالفاء هنا وفيما يأتي إشارة إلى أنه دون ما قبله رتبة بخلاف ما عطف بالواو. (و) النص (الظاهر) بأن يحتمل غير العلية احتمالاً مرجوحا (كاللام ظاهرة) نحو {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} (فمقدرة) نحو؛ {ولا تطع كل حلاف} إلى قوله {أن كان ذا مال وبنين} أي لأن (فالباء) نحو {فبما رحمة من الله} أي لأجلها لنت لهم. (فالفاء في كلام الشارع) وتكون فيه في الحكم كقوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} وفي الوصف كخبر الصحيحين في المحرم الذي وقصته ناقته «لا تمسوه