أبي بكر فقال: "يا أبا الدرداء أتمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر" رواه ابن جريج عن عطاء عنه به، قلت: وكيف يسوغ لأحد نفي حفظ القرآن عن أبي بكر -رضي الله عنه- بغير دليل ولا حجة بل بمجرد الظن مع أنه لا يسوغ لنا ذلك عن آحاد الناس، وأما استدلالهم بحديث أنس توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حفظ القرآن أربعة وفي رواية لم يحفظ القرآن إلا أربعة كلهم من الأنصار فإن الرواية الأولى لا دليل فيها والرواية الثانية التي وردت بالحصر فهي مخصصة بالإجماع وقد أجاب عنها العلماء رحمهم الله أجوبة مذكورة في كتاب الانتصار للقاضي أبي بكر وفي كتاب المرشد للشيخ أبي شامة وغيرهما منها أن يكون المراد حفظًا وكتابة أو حفظًا لا كتابة أو المراد أنه لم يحفظه من الأنصار إلا هؤلاء الأربعة بدليل قوله كلهم من الأنصار فإن عبد الله بن عمرو بن العاص كان قد حفظ القرآن كله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم واستزاده بقوله إني أطيق أكثر من ذلك حتى قال له: "اقرأ القرآن في ثلاث" الحديث ولم يكن عبد الله بن عمرو مذكورًا في الأربعة1 وعثمان بن عفان حفظه وقام به في ركعة ولم يكن مذكورًا فيهم وعبد الله بن مسعود حفظه ولم يذكر فيه وأما قوله توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذت من فيه سبعًا وسبعين سورة أو كما قال على اختلاف الروايات فلا دليل في ذلك؛ إذ يحتمل أن يكون ذلك حفظه من غيره وأبو موسى الأشعري تواتر عندنا قراءته جميع القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك علي بن أبي طالب مع غيره من الصحابة الذين لم يذكروا في الأربعة، وأما قول القائل لو كان أبو بكر حفظ القرآن لنقل إلينا ذلك وكونه لم ينقل دليل على أنه لم يحفظه وأنه لو كان حفظه لقرأه2 عليه غيره كما قرءوا على غيره ممن حفظه فهذا بيّن الضعف؛ إذ لا يلزم من ذلك ما ذكر وأبو بكر -رضي الله عنه- لم يكن متصديا لذلك ولا طالت أيامه ليؤخذ عنه حتى إن عثمان بن عفان مع رغبته في إقراء القرآن لروايته عنه صلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015