وقد ذكر ابن الجوزي ثلاث مراتب في بذل المال للصاحب وإعانته:
فأدناها: المساهمة، وذلك بأن يبذل له نزرًا منه.
وأوسطها: المساواة، وذلك بأن يشاطره حقه، فيبذل له نصفه.
وأرفعها: الإيثار، وذلك بأن يؤثر لصاحبه أكثر ماله على نفسه.
قلت: وهذا الإيثار للخلق قد يبلغ مبلغ الذم إذا خلص إلى ثلاثة أمور؛ ذكرها أبو إسماعيل _ عبد الله بن محمد _ الأنصاري الهروي في كتابه «منازل السائرين»، وهي: أن لا يخرم عليك هذا الإيثار دينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتًا.
وقد أظهر العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه «مدارج السالكين» معنى كلام الهروي:
فأما الأول؛ فقال: «مثل أن تطعمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرى، وتسقيهم وتظمأ؛ بحيث لا يؤدي ذلك إلى ارتكاب إتلاف لا يجوز في الدين».
وأما الثاني؛ فقال: «لا يقطع عليك طريق الطلب والمسير