ففي اجتماع هذه الخصال تنشأ الحكمة ويصيب القول ويسدد الرأي، فبها ينتفع مجالس أهل الفضل، وذلك بأن يرشدوه إلى ما هو خير له بأمانة وصدق.
وكان يقال: لا تدخل في رأيك بخيلًا فيقصر فعلك، ولا جبانًا فيخوفك ما لا يخاف، ولا حريصًا فيبعدك عما لا يرجى.
وقال بعض الحكماء: نصف رأيك مع أخيك، فشاوره ليكمل لك الرأي.
وقال بعض البلغاء: إذا أشكلت عليك الأمور وتغير لك الجمهور؛
فارجع إلى رأي العقلاء، وافزع إلى استشارة العلماء، ولا تأنف من الاسترشاد، ولا تستنكف من الاستمداد، فلأن تسأل وتسلم خير لك من أن تستبد وتندم.
وقيل: استشر عدوك العاقل، ولا تستشر صديقك الأحمق؛ فإن العاقل يتقي على رأيه الزلل كما يتقي الورع على دينه الحرج.
وقد ذكر الماوردي خمس خصال لأهل المشورة:
الخصلة الأولى: عقل كامل مع تجربة سالفة.
قال: «فإنه بكثرة التجارب تصح الروية».