ولا ولده ولا زوجته، فدع الطمع في الصفاء، وخذ عن الكل جانبًا، وعاملهم معاملة الغرباء، وإياك أن تخدع بمن يظهر لك الود؛ فإنه مع الزمان يبين لك الخلل فيما أظهره، وقد قال الفضيل: (إذا أردت أن تصادق صديقًا فأغضبه، فإن رأيته كما ينبغي فصادقه)، وهذا _ اليوم _ مخاطرة؛ لأنك إذا أغضبت أحدًا صار عدوا في الحال، والسبب في نسخ حكم الصفاء: أن السلف كانت همتهم الآخرة وحدها، فصفت نياتهم في الأخوة والمخالطة، فكانت دينًا لا دنيا، والآن فقد استولى حب الدنيا على القلوب».
وقيل لرويم بن أحمد: ما الذي أقعدك عن طلب الصديق؟ قال: يأسي من وجدانه.
وقيل لأعرابي: ألك صديق؟ قال: أما صديق فلا، ولكن نصف صديق، قيل: كيف انتفاعك به؟ قال: انتفاع العريان بالثوب البالي.
وقيل لبعضهم: ما الصديق؟ قال: اسم وضع على غير مسمى، وحيوان غير موجود.
وقيل لبعضهم: ما معنى الصديق؟ قال: لفظ بلا معنًى.