خمسين سنةً، فما وجدت رجلًا غفر لي زلةً، ولا أقالني عثرةً، ولا ستر لي عورةً.
وروى ابن أبي الدنيا في كتابه «مداراة الناس» عن حفص بن حميد الأكاف، أنه قال: «جربت الناس منذ خمسين سنةً، فما وجدت أخًا لي ستر عورةً، ولا غفر لي ذنبًا فيما بيني وبينه، ولا وصلني إذا قطعته، ولا أمنته إذا غضب، فالاشتغال بهؤلاء حمق كبير، كلما أصبحت تقول: (أتخذ اليوم صديقًا)، ثم تنظر ما يرضيه عنك: أي هدية؟! أي تسليم؟! أي دعوة؟! فأنت _ أبدًا _ مشغول».
وقال مالك بن دينار: إخوة هذا الزمان مثل مرقة الطباخ في السوق؛ طيب الريح، لا طعم له.
وقال ابن الجوزي: «نسخ في هذا الزمان رسم الأخوة وحكمه، فلم يبق إلا الحديث عن القدماء، فإن سمعت بإخوان صدق فلا تصدق».
وقال _ أيضًا _: «وجمهور الناس _ اليوم _ معارف، ويندر منهم صديق في الظاهر، وأما الأخوة والمصافاة؛ فذلك شيء نسخ، فلا تطمع فيه، وما أرى
الإنسان يصفو له أخوه من النسب