المشايخ ... وكالصلحاء والعلماء، فهم قدوة للمقتدين ... وأما الذي هو كالغذاء فهو مثل الأخ في الله _ تعالى _، المشفق الودود الحنون، الذي يؤلمه ما يؤلمك، ويسره ما يسرك، ويجوع نفسه لجوعك، ويتعرى لعريك، ويكابد ما نزل بك أكثر من مكابدة ما نزل به، وأنت ترى فقده في هذا الزمان، لكن بين الفقد والعدم فرق، وهو أن المعدوم لا يوجد ألبتة، والمفقود قد يوجد في موضع ما ... وأما القسم الثالث ... _ وهو قوله: (والثالث موجود) _؛ فلا شك أنك إذا خالطت كثيرًا من الناس في هذا الزمان أو عاشرتهم بملابسة ما؛ تجد من كثير منهم الأذية البالغة؛ إما في دينك أو دنياك أو عرضك، وهذا هو الداء الذي لا شك فيه، فإن أنت خالطته وجدت ما ذكره، وأما القسم الرابع الذي قال عنه: (إنه مشهود)؛ فلا شك في مباشرة ذلك في هذا الزمان؛ ألا ترى أنك إذا تكلمت مع أحد منهم في صلاح دينه
في شيء ما قابلك بانزعاج وخلق سيئ، وأقل جوابه: أن يقول لك: (ما حقرت في الناس إلا أنا حتى تأمرني وتنهاني!)، أو يتسلط عليك ببذاءة لسانه وينظر لك عورات يظهرها أو حسنات يخفيها أو يردها سيئات، وهذا فيه من المرارة بحيث المنتهى، كما هي الدفلى إذا تناولت منها شيئًا، وقد يفضي ذلك