للإنسان صفات عديدةً وطباعًا مختلفةً قد تعدم المماثلة بين الاثنين في واحدة منها، إلا أنهما تجانسا في صفة أخرى غير الأولى، فتكون الصحبة والأخوة بسبب الثانية لا الأولى.
ولهذا كان خلق الصاحب دليلًا على خلق صاحبه، فلولا شبه خلقهما لما تصاحبا:
فقد أخرج البخاري عن عائشة _ معلقًا _، ومسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما
تناكر منها اختلف».
نقل الحافظ ابن حجر في كتابه «فتح الباري» عن الخطابي قوله: «يحتمل أن يكون إشارةً إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخير من الناس يحن إلى شكله، والشرير نظير ذلك؛ يميل إلى نظيره، فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر».
ونقل عن ابن الجوزي قوله: «ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرةً ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضى ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم، وكذلك القول في عكسه».