بِكَلِمَة أَو كَلِمَتَيْنِ من نظم أَو نثر أَن يكون شَاعِرًا ناثرا وأو لَا يَقع الْفرق بَين الألكن والألسن وَلَا يخفى مَا فى ذَلِك من الْعَبَث والزلل فَإنَّا نحس من أَنْفُسنَا الْعَجز عَن بعض مَا نقل عَن فصحاء الْعَرَب من نظم أَو نثر وَإِن كُنَّا لَا نجد أَنْفُسنَا وقدرنا قَاصِرَة عَن الْإِتْيَان مِنْهُ بِكَلِمَة اَوْ كَلِمَات بل وَلَيْسَ هَذَا إِلَّا نَظِير مَا لَو قيل بِوُجُوب كَون الْجَبَل مَقْدُورًا حمله بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا لكَون بعضه مَقْدُورًا إِذْ هُوَ زيف وسفسطة ثمَّ وَلَو كَانَ ذَلِك مَقْدُورًا لَهُم لقد بَادرُوا إِلَى الْإِتْيَان بِهِ وسارعوا إِلَى دفع مَا تحدى بِهِ على مَا سلف
لَكِن لَا ننكر أَن من مقدورات الله تَعَالَى أَن يظْهر على يَد غَيره مَا يعجز عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ وَتَكون نسبته إِلَى هَذَا المعجز كنسبة هَذَا المعجز إِلَى غَيره من الْكَلَام وَأَن ذَلِك لَو ظهر لَكَانَ مُبْطلًا لرسالته أَن لَو كَانَ التحدى بِأَنَّهُ لَا سَبِيل إِلَى الْإِتْيَان بِمثلِهِ لَا أَن يكون التحدى بِإِظْهَار مَا هُوَ خارق للْعَادَة على يَده فَقَط أى لم يعْهَد لَهُ فى الْعَادة قبل ذَلِك مِثَال كَمَا سبق تَحْقِيقه وَكَذَا الْكَلَام فِيمَا هُوَ دونه بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أَيْضا
وَأما منع جَوَاز دلَالَته على الصدْق بِنَاء على جَوَاز تقدمه على الدَّعْوَى فقد سبق وَجه إِبْطَاله فِيمَا مضى فَلَا حَاجَة إِلَى إِعَادَته
وَأما مَا فرض من جَوَاز تحدى من حفظه على أهل بلد لم تبلغهم الدعْوَة فمجرد ظُهُوره على يَده غير كَاف مهما لم يعلم بطرِيق قطعى أَن ذَلِك مِمَّا لم يظْهر على يَد غَيره وَغَايَة مَا فى الْبَاب أَنهم لَو علمُوا ظُهُور ذَلِك على يَد غَيره فَذَلِك لَا يُوجب الْعلم بِعَدَمِ ظُهُوره على يَده هُوَ لَكِن لَعَلَّه لَو تلاه عَلَيْهِم لقد علم أَنه مِمَّا لم يظْهر على يَده من جِهَة اشتماله على شرح أَحْوَال وَأُمُور وَأَحْكَام اخْتصّت بِأَسْبَاب ووقائع حدثت فى زمن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم