لَو ذكرت بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره لقد كَانَ فِي نَفسه يعد لَغوا من القَوْل وسفها من الْكَلَام وَلَا كَذَلِك فى حق النبى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ قد علم من جِهَة الْقطع أَن ذَلِك مِمَّا لم يظْهر على يَد غَيره بِنَاء على مَا احتف بِهِ من الْقَرَائِن القطعية والأمور اليقينية من نُزُوله على وفْق أَحْوَالهم ومطابقته لأقوالهم وَذَلِكَ كَمَا قى قصَّة بَرَاءَة عَائِشَة وذم أَبى لَهب وَمَا ورد من الْآيَات فِي يَوْم بدر وَأحد إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يمْتَنع تصَوره عِنْد كَونه كَاذِبًا فى دَعْوَاهُ بل البارى تَعَالَى يطبع على قلبه وعقله وَيخْتم على لِسَانه بِحَيْثُ لَا يتَمَكَّن من إبيانه والتحدى بِهِ أصلا
وَأما غَيره من الْكتب الغريبة والأمور العجيبة من الرياضيات والهندسيات والحسابيات والأمور الَّتِى لَا يُمكن الْإِتْيَان بِمِثْلِهَا فقد قيل إِن مُسْتَند إظهارها وَسبب اشتهارها لَيْسَ إِلَّا من النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ وَغَايَة مَا زيد فِيهَا تتميم وترتيب وَلَو قدر أَنَّهَا مِمَّا لم يظْهر على يدى نبى فَلَا إِحَالَة فى ذَلِك لما سلف وَعند التحدى بهَا وَثُبُوت كَونهَا خارقة يجب القَوْل بالتصديق وَالْقَبُول بالتحقيق لكَون مَا ظهر على يَده نازلا منزلَة التَّصْدِيق لَهُ بِخلق الله تَعَالَى لَهُ ذَلِك على يَده واقترانه بدعوته كَمَا سبق
ثمَّ إِن ذَلِك لَازم للخصم إِن كَانَ كتابيا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ظهر على يَد نبيه من المعجزات والآيات وَلَا مخلص لَهُ مِنْهُ
وَمَا قيل من آحَاد المعجزات الَّتِى أَشَرنَا إِلَيْهَا من انْشِقَاق الْقَمَر وتسبيح