تَعَالَى من زِيَادَة الْكَشْف بطعم شئ على مَا حصل من الْعلم بِهِ لَا من جِهَة كَونه مَوْجُودا أَو كلَاما سمى ذَلِك الْإِدْرَاك ذوقا وعَلى هَذَا النَّحْو فِيمَا يدْرك من الكيفيات المحسوسة الْأَرْبَعَة أَو الملموسات

وَلَا محَالة أَن هَذِه الإدراكات مُخْتَلفَة النوعية متمايزة بالخواص فَإِن مَا حصل من الْكَشْف وَالزِّيَادَة من كَون الْمَوْجُود مَوْجُودا امْر يغاير بِذَاتِهِ مَا حصل من مزِيد الْكَشْف من كَونه كلَاما أَو طعما أَو رَائِحَة أَو غَيره فامتناع كَون البارى مسموعا انما كَانَ من جِهَة أَنه لَيْسَ هُوَ فِي نَفسه كلَاما وَلَا حَقِيقَته نطقا فالعلم لم يتَعَلَّق بِهِ بِكَوْنِهِ كلَاما فادراكه إِذْ ذَاك بِالسَّمْعِ يكون مُمْتَنعا بلَى لَو قيل إِن كَلَامه يكون مسموعا لقد كَانَ ذَلِك جَائِزا وعَلى هَذَا النَّحْو امْتنَاع كَونه مشموما ومذوقا وملموسا وَلَا كَذَلِك الْبَصَر فَإِن الْبَصَر هُوَ مَا يخلقه الله من زِيَادَة الْكَشْف من كَونه ذاتا ووجودا وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَحِيل تعلق الْعلم بِهِ حَتَّى لَا يُسمى مَا حصل من مزِيد الْكَشْف عيله بصرا وَمن عرف مَا نعنى بِإِدْرَاك هان عَلَيْهِ الْفرق وَسَهل لَدَيْهِ فهم معنى الرُّؤْيَة واندفع عَنهُ الاشكال وَزَالَ عَن ذهنه الخيال

وعَلى هَذَا حُصُول مثل هَذِه الإدراكات لله تَعَالَى واتصافه بهَا غير مُمْتَنع فِي نَفسه عقلا وان لم يجز القَوْل بإطلاقها عَلَيْهِ شرعا لعدم وُرُوده بهَا فَإِن حُصُول الإدراكات الْمُخْتَلفَة لمدرك وَاحِد جَائِز أما تعلق الإدراكات الْمُخْتَلفَة بمدرك وَاحِد من جِهَة وَاحِدَة فممتنع كَمَا بَينا واما انْتِفَاء وُقُوع الْإِدْرَاك فِي وقتنا هَذَا فَإِنَّمَا يلْزم مِنْهُ انْتِفَاء جَوَاز تعلق الْإِدْرَاك بِهِ أَن لَو لم يقدر ثمَّ مَانع وصاد وَلَيْسَ مستندهم فِي حصر مَا ذَكرُوهُ من الْمَوَانِع غير الْبَحْث والسبر وَأَعْلَى درجاته أَن يُفِيد ظنا بِعَدَمِ الْمَانِع لَا علما كَيفَ وَأَنه من الْمُحْتَمل أَن يكون الْمَانِع من الْإِدْرَاك تكدر النَّفس بالشواغل الْبَدَنِيَّة وانغماسها فِي الرذائل الشهوانية وتعلقها بعالم الظلال وانهماكها فِي الْبدن وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْوَال فَعِنْدَ صفوها فِي الدَّار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015