بسبب بين السائل وبينهم، أما محبتهم وطاعتهم فيثاب على ذلك، وأما دعاؤهم له فيستجيب الله شفاعتهم فيه.
والتوسل بالأنبياء والصالحين يكون بأمرين: إما بطاعتهم واتباعهم، وإما بدعائهم وشفاعتهم، فمجرد دعائه بهم من غير طاعة منه لهم ولا شفاعة منهم له لا ينفعه وإن عظم جاه أحدهم عند الله تعالى، وقد بسطت هذه المسائل في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا؛ أنه إذا كان السلف والأئمة قالوا في سؤاله بالمخلوق ما ذكر فكيف بسؤال المخلوق الميت، سواء سئل أن يسأل الله أو سئل قضاء الحاجة ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس إما عند قبر الميت، وإما مع غيبته.
وصاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم حسم المادة، وسد الذريعة، بلعنه من يتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وأن لا يصلي عندها لله، ولا يسأل إلا الله، وحذر أمته ذلك، فكيف إذا وقع نفس المحذور من الشرك وأسباب الشرك؟
كل هذا نقلناه من كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" ومنه علم ما اشتمل عليه الشعر الذي أورده النبهاني، فإن جميعه قد اشتمل على القسم الذي فيه محذور، بل بما فيه شرك ظاهر، كقول عبد الرحيم البرعي مخاطباً للرسول صلى الله عليه وسلم:
مولاي مولاي فرج كل معضلة ... عني فقد أثقلت ظهري الخطيئات
عد علي بما عودتني كرماً ... فكم جرت لي بخير منك عادات
وامنع حماي وهب لي منك تكرمة ... يا من مواهبه خلد وخيرات
واعطف علي وخذ يا سيدي بيدي ... إذا دهتني الملمات المهمات
وكقول الشاب الظريف:
فيا خاتم الرسل الكرام ومن به ... لنا من مهولات الذنوب تخلص
أغثنا أجرنا من ذنوب تعاظمت ... فأنت شفيع للورى ومخلص
وقول القلقشندي: