شيئاً فلم يعطنيه، قلت له: بحق جعفر إلا ما أعطيتنيه؛ فيعطينه، أو كما قال.
فإن بعض الناس ظن أن هذا من باب الإقسام عليه بجعفر، أو من قولهم: أسألك بحق أنبيائك ونحو ذلك، وليس كذلك، بل جعفر هو أخو علي، وعبد الله هو ابنه، وله عليه حق الصلة، فصلة عبد الله صلة لأبيه جعفر، كما في الحديث: "إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي" 1. وقوله: "إن من برهما بعد موتهما الدعاء لهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما".
ولو كان هذا من الباب الذي ظنوه لكان سؤاله لعلي بحق النبي وإبراهيم الخليل ونحوهما أولى من سؤاله بحق جعفر، ولكان علي إلى تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته وإجابة السائل به أسرع منه إلى إجابة السائل بغيره، لكن بين المعنيين فرق، فإن السائل بالنبي طالب به متسبب به، فإن لم يكن في ذلك السبب ما يقتضي حصول مطلوبه أو كان مما لا يقسم به كان باطلا، وإقسام الإنسان على غيره بشيء يكون من باب تعظيم المقسم للمقسم به، وهذا هو الذي جاء به الحديث من الأمر بإبرار المقسم، وفي مثل هذا قيل: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" 2، وقد يكون من باب تعظيم المسؤول به.
فالأول؛ يشبه ما ذكره الفقهاء في الحلف الذي يقصد به الحظر والمنع.
والثاني؛ سؤال للمسؤول بما عنده من محبة المسؤول به وتعظيمه ودعائه وحقه، فإن كان ذلك مما يقتضي حصول مقصود السائل حسن السؤال كسؤوال الإنسان بالرحم.
ومن هذا سؤال الله بالأعمال الصالحة وبدعاء أنبيائه وشفاعتهم.
وأما بمجرد الأنبياء والصالحين ومحبة الله لهم وتعظيمه لهم ورعايته لحقوقهم التي أنعم بها عليهم فليس فيها ما يوجب حصول مقصود السائل إلا