الحلف به، لم يدخل في الحلف بغير الله، لأن لفظ الغير قد يراد به المباين المنفصل، ولهذا لم يطلق السلف وسائر الأئمة على القرآن وسائر صفات الله أنها غيره ولا أنها ليست غيره، لأن لفظ الغير فيه إجمال قد يراد به المباين المنفصل فلا يكون صفة الموصوف أو بعضه داخلاً في لفظ الغير، وقد يراد به ما يمكن تصوره دون تصور ما هو غير له فيكون غيراً بهذا الاصطلاح، ولهذا تنازع أهل النظر في مسمى الغير، والنزاع في ذلك لفظي، ولكن بسبب ذلك حصل في مسائل الصفات من الشبهات ما لا ينجلي إلا بمعرفة ما وقع في الألفاظ من الاشتراك والإبهامات، كما قد بسط في غير هذا الموضع، ولهذا يفرق بين قول القائل: (الصفات غير الذات) وبين قوله: (صفات الله غير الله) . فإن الثاني باطل؛ لأن مسمى اسم الله يدخل فيه صفاته، بخلاف مسمى الذات فإنه لا يدخل فيه الصفات، ولهذا لا يقال: صفات الله زائدة عليه؛ وإن قيل الصفات زائدة على الذات، لأن المراد هي زائدة على ما أثبته المثبتون من الذات، والله تعالى هو الذات الموصوفة بصفاته اللازمة، فليس اسم الله متناولاً لذات مجردة عن الصفات أصلاً، ولا يمكن وجود ذلك، ولهذا قال أحمد في مناظرته للجهمية: لا نقول الله وعلمه، والله وقدرته، والله ونوره، ولكن نقول الله بعلمه وقدرته ونوره هو إله واحد. وقد بسط هذا في غير هذا الموضع.
وأما قول الناس: أسألك بالله وبالرحم، وقراءة من قرأ: {تَسَّاءَلونَ بهِ والأرحَامِ} 1 فهو من باب التسبب بها، فإن الرحم توجب الصلة، وتقتضي أن يصل الإنسان قرابته، فسؤال السائل بالرحم لغيره توسل إليه بما يوجب صلته من القرابة التي بينهما، ليس هو من باب الإقسام ولا من باب التوسل بما لا يقتضي المطلوب، بل هو توسل بما يقتضي المطلوب، كالتوسل بدعاء الأنبياء وبطاعتهم والصلاة عليهم.
ومن هذا الباب ما يروى عن عبد الله بن جعفر أنه قال: كنت إذا سألت علياً