تجيب المضطر إذا دعاك فأسقيتهم لما تكفلت به من رزقهم، ولما دعوك مضطرين، لا لأنك تحبهم ولا تحب دينهم، والآن فنريد أن ترينا فيهم آية تثبت بها الإيمان في قلوب عبادك المؤمنين، فأرسل الله عليهم ريحاً أهلكتهم، أو نحو هذا.
ومن هذا الباب من قد يدعو دعاء اعتدى فيه؛ إما بطلب ما لا يصلح، أو بالدعاء الذي فيه معصية لله بشرك أو غيره، فإذا حصل بعض غرضه ظن أن ذلك دليل على أن عمله صالح بمنزلة من أملي له وأمد بالمال والبنين فظن أن ذلك مسارعة له في الخيرات، قال تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ} 1 وقال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} 2 وقال تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} 3 والإملاء إطالة العمر وما في ضمنه من رزق ونصر، وقال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} إلى قوله: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} 4 وهذا باب واسع مبسوط في غير هذا الموضع، وقال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 5.
والمقصود هنا؛ أن دعاء الله قد يكون دعاء عبادة لله يثاب العبد عليه في الآخرة مع ما يحصل له في الدنيا، وقد يكون دعاء مسألة تقضى به حاجته، ثم قد يثاب عليه إذا كان مما يحبه الله، وقد لا يحصل له إلا تلك الحاجة، وقد يكون سبباً لضرر دينه فيعاقب على ما ضيعه من حقوق الله تعالى وتعداه من حدوده، فالوسيلة التي أمر الله بابتغائها تعم الوسيلة في عبادته وفي مسألته، فالتوسل إليه