كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} 1 وهو سبحانه القائل: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ} إلى قوله: {وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً} 2 وهو سبحانه القائل: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} 3 لكن هؤلاء الذين يستجاب لهم- لإقرارهم بربوبيته وأنه يجيب دعاء المضطر- إذا لم يكونوا مخلصين له الدين في عبادته ولا مطيعين له ولرسله، كان ما يعطيهم بدعائهم متاعاً في الحياة الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} إلى قوله {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} 4 وقد دعا الخليل عليه الصلاة والسلام بالرزق لأهل الإيمان، فقال: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فقال تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} 5. فليس كل من متعه الله برزق ونصر- إما إجابة دعائه وإما بدون ذلك- يكون ممن يحبه الله ويواليه، بل هو سبحانه يرزق المؤمن والكافر والبر والفاجر، وقد يجيب دعاءهم ويعطيهم سؤالهم في الدنيا ومالهم في الآخرة من خلاق، وقد ذكر أن بعض الكفار من النصارى حاصروا مدينة للمسلمين فنفد ماؤهم العذب فطلبوا من المسلمين أن يزودوهم بماء عذب ليرجعوا عنهم، فاشتور ولاة أمر المسلمين وقالوا بل ندعهم حتى يضعفهم العطش فنأخذهم، فقام أولئك فاستسقوا ودعوا الله فسقاهم، فاضطرب بعض العامة، فقال الملك لبعض العارفين: أدرك الناس، فأمر بنصب منبر له، وقال: اللهم إنا نعلم أن هؤلاء من الذين تكفلت بأرزاقهم كما قلت في كتابك: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} 6 وقد دعوك مضطرين وأنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015