عربيهم وعجميهم، قرويهم وبدويهم، يعرف الحق ويعمل به، إلا بقايا من أهل الكتاب. وأما الأكثرون، فقد اجتالتهم الضلالات والعادات عن فطرة الله التي فطر الناس عليها1.فأيد الله نبيه مع غربة هذا الدين، ومخالفته لما عليه الأكثرون، بأعظم حجة وآية، كانت لأكثر من أسلم /سبباً/2ووقاية. وتلك هي الخلق العظيم، والرأي الراشد الحليم. فمكث على ذلك يدعو ويذكر ويعظ وينذر مع غاية في اللطف واللين، فتارة يكنى المخاطبين 3، وطوراً يأتي نادي المتقدمين والمترأسين، وحيناً يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. وناهيك بخلق مدحه القرآن4، وأثنى عليه حلمه في الدعوة والبيان، ولا يرد على هذا المعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} الآية5. كما ظنه بعض المتطوعة، ديداناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا يصار إليه إذا تعينت الغلظة، /ولم يجد6، اللين كما هو ظاهر مستبين، كما قيل: آخر الطب الكي7. وهو أيضاً مع القدرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015