هذا الأصل الأصيل فهو ضلال وتضليل. وقد كَثُر في كلام المتأخرين أن الله خلق الإنسان ليعمر الأرض وجعله خليفة فيها ليعمرها فيذهبون بفهمهم الفاسد إلى ما يُناسب أهوائهم من تشييد الدنيا بالبناء وغيره مما ينافي الحكمة من خلق الكون كله لا سيما الأرض والإنسان.
وقد جاءت السنة والآثار بل وآيات الكتاب ببيان الأمر على حقيقته فقد ذمّ الله عمّار الدنيا المغترين بها.
وفي سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن معه فرأى قبة مشرّفة فقال ما هذه؟ قال أصحابه: هذه لفلان رجل من الأنصار فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم سلّم عليه في الناس فأعرض عنه. صنع ذلك مراراً حتى عرف الرجل الغضب في وجهه والإعراض عنه فشكا ذلك إلى أصحابه فقال: والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: خرج فرأى قبتك. فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلم يرها قال: ما فعلت القبة؟ قالوا شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها فقال: "أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا" أي ما لا بد منه.