أمشي مع أبي إسحاق في طريق الكوفة فأتى على دار تبنى بجص وآجر فقال: هذا التبذير في قول عبد الله بن مسعود: إنفاق المال في غير حقه. تأمل وانظر ما نحن فيه.
خلت دورهم منهم وأقْوَت عِراصهم ... وساقتهم نحو المنايا المقادر
وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها ... وضمّهموا تحت التراب الحفائر
كان لصفوان بن محرز خُصّ فيه جذع فانكسر الجذع. فقيل له: ألا تصلحه؟ فقال: دعوه أنا أموت غداً.
وقد قيل في وصف الدنيا:
أحلام نوم أو كظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع
قال العلماء: وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي لعاقل أن يخدع بها.
سبيل الخلق كلهم الفناء ... فما أحد يدوم له بقاء
يقربنا الصباح إلى المنايا ... ويدنينا إليهن المساء
فلا تركب هواك وكن مُعِدّاً ... فليس مقدراً لك ما تشاء
أتأمل أن تعيش وأيّ غصن ... على الأيام طال له النماء
تراه أخضر العيدان غضّاً ... فيصبح وهو مسود غثاء
وجدنا هذه الدنيا غروراً ... متى ما تُعْطِ يُرْتجع العطاء
فلا تركن إليها مطمئناً ... فليس بدائم منها الصفاء