فأجابه صلى الله عليه وسلم: «يا حذيفة عليك بكتاب الله فتعلمه واتبع ما فيه، ففيه النجاة» .. فيكرر عليه حذيفة السؤال ثلاث مرات, فيجيبه بنفس الإجابة (?)

إن مشكلة أمتنا -يقينًا- مشكلة إيمانية، والحل يكمن في الوصول إلى دواء يعالج هذه المشكلة ويسع جميع أفراد الأمة، ولا يختلف عليه اثنان، ولا يمل منه أحد.

فماذا غير القرآن يمتلك كل هذه المقومات؟!

من هنا نؤكد ونؤكد بأن عودة المجد لأمتنا مرتبطة بالعودة الصحيحة إلى القرآن.

خلافة على منهاج النبوة

ومما يلفت الانتباه أنه صلى الله عليه وسلم عندما تحدث عن المراحل التي ستمر بها الأمة قال: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله لها أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها، إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريًا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» (?).

أرأيت أخي القارئ أن المراحل التي مرت بها الأمة هي نفسها التي أخبرنا عنها صلى الله عليه وسلم عدا المرحلة الأخيرة في الحديث «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة» ولا شك أنها ستتحقق بأمر الله كما تحقق ما قبلها، ولكن ألم تلحظ أنه صلى الله عليه وسلم قد ربط بين الخلافة ومنهاج النبوة؟ وما هو منهاج ودستور النبوة؟! أليس القرآن؟ {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [الجمعة: 2].

فالجيل الموعود بالنصر والتمكين جيل قرآني، والخلافة الموعودة منهجها القرآن، وهذا أمر لا مجال فيه للشك، فإن أردنا أن ننال هذا الشرف ونرى عز الإسلام وهلال مجده فلا بديل أمامنا من الانكباب على القرآن والتعامل الصحيح معه، والذي من شأنه أن يبصرنا ويذكرنا ويقوي إيماننا ويدفعنا دفعًا إلى القيام بكل ما يرضي الله عز وجل.

وفي المقابل فحين نتجاوز هذه الحقيقة، ونلتف حولها، فلا نلومن إلا أنفسنا، وسيستمر الوضع المخزي الذي نعيش فيه، وسيستمر الضياع والتيه حتى يظهر الجيل القرآني الذي يقود الأمة إلى المجد من جديد.

إجابة متوقعة

من المتوقع أن يستقبل البعض هذا الكلام، وهذه النتيجة استقبالا فاترا، ومن ثم لا يتجاوب معها التجاوب المطلوب، وسبب ذلك أنه قد رسخ في الأذهان والعقل الباطن عند الناس أن القرآن كتاب مقدس يُستدعي في الحفلات والمآتم والمناسبات وُيقرأ في رمضان وغيره من أجل الثواب فقط، وأن أهل القرآن هم حفَّاظ حروفه وإن فرَّطوا في تطبيقه، وانزوى وتراجع لديهم المفهوم العظيم والوظيفة الخطيرة للقرآن في بث الروح وإحياء القلب وزيادة الإيمان وتوليد الطاقة الدافعة للعمل، لذلك من النادر أن تجد من يتحدث عن القرآن كمشروع لنهضة الأمة، وإن تحدث فتجد الحديث ينصب على الاهتمام بلفظه وشكله فقط دون جوهره ومعجزته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015