قال صلى الله عليه وسلم: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين؛ بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل به الكفر» (?).
ووعدنا -سبحانه- على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الأمة ستنعم بخلافة على منهاج النبوة، بعد مرورها بعدة مراحل آخرها مرحلة يشيع فيها الظلم والاستبداد فعن حذيفة بن اليمان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منها ج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منها ج النبوة، ثم سكت» (?).
فإذا كان الأمر كذلك، وأننا الآن نعيش في مرحلة «الملك الجبري» وأن المرحلة التالية هي مرحلة (خلافة على منهاج النبوة) فلماذا لا تكن أنت ممن يستعملهم الله عز وجل في إتمام نوره وتحقيق وعده؟!
كل ما هو مطلوب: التصميم والعزم والإصرار وصدق التوكل والاستعانة بالله.
يقول الإمام حسن البنا: إنما تنجح الفكرة إذا قوى الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها (?).
إن تغيير حال الأمة لن يتم إلا إذا غير أبناؤها ما بأنفسهم {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
والواقع يخبرنا بأن هذا الأمر غاية في الصعوبة، فموجة الماديةفي علو، وانجذاب المسلمين نحو طين الأرض في ازدياد، ولكي يتم الأخذ بأيديهم إلى تغيير ما بأنفسهم، وتقوية الإيمان في قلوبهم، وتصحيح الأفكار والمعتقدات في عقولهم، والتأثير الإيجابي الدائم فيهم؛ لابد من وجود رجال صادقين متوهجين يؤثرون فيمن حولهم بحالهم ومقالهم ..
* فالبداية الصحيحة للتغيير هو وجود الشخص المتوهج، صاحب الروح اليقظة، والإيمان الحي ... إن كل كلام يصدر عن القلب - كما يقول محمد إقبال- يترك أثره في القلوب، والأفكار الصادقة لا أجنحة لها، لكنها تسبق الطيور، وكل كلام قدسي المنبع فهو أبدًا يتجه إلى العلا (?).
وفي هذا المعني يقول محمد أمين المصري:
إن العامل الأساس في نجاح الداعية. ليس كثرة علمه ولا قوة بيانه وسحره، ولكن هنالك عاملا قبل كل هذه الأمور: هو الإيمان بالدعوة التي يدعو إليها، والخوف الشديد مما يعتريها، والشعور بالأخطار التي تقع بسبب إهمال الدعوة .. إن مثل هذا الإنسان يصيح بالناس ويترك فيهم أقوى الآثار ولو كان أبكم (?).