يقول سيد قطب: أيما داعية لا يصدق فعله قوله، فإن كلماته تقف على أبواب الآذان لا تتعداها إلى القلوب مهما تكن كلماته بارعة وعباراته بليغة، فالكلمة البسيطة التي يصاحبها الانفعال، ويؤيدها العمل هي الكلمة المثمرة التي تحرك الآخرين إلى العمل (?).
وللأستاذ محمد فتح الله كولن كلمات صريحة يوجهها للدعاة والعاملين للإسلام الذين يعانون من غياب الروح وضعف الإيمان فيقول مخاطبًا إياي وإياك:
عندما لا يحترق القلب شوقا، والذهن هما: فلا تتكلم، وإلا فلن تجد أحدًا يصغي إليك.
عندما لا يملؤك شعور بأن دعوتك هي قلب الكون، وروح الوجود، وأنها ميزان العالم، وصمام أمن وأمان له، فكيف تواتيك الشجاعة لمواجهة العالم كله؟!
عندما لا يلتهب في دمك عرق يدفعك لتحدي قدرات هي أعظم من قدراتك، وإمكانات هي أعظم من إمكاناتك، فكيف إذن ستصنع الأعاجيب؟!
عندما لا تشعر بمسئوليتك في إنقاذ الإيمان مما يحيق به من خطر عظيم في العالم كله، فكيف تريد إذن من هذا العالم أن يفتح أذنيه ليسمعك؟!
عندما تصاب الروح بالفتور، وتنخفض درجة حرارة القلب، ويخبو أوار الفكر، فأنت مُتوَعِّك روحيًا، فعليك أن تصمت؛ لأن الصمت هنا أبلغ من كل كلام ميت تقوله.
إن لم ترتب بيت نفسك أولاً فكيف تستطيع أن ترتب بيوت نفوس الآخرين (?)؟!
فإن كان الأمر كذلك، وإن كانت الهزيمة النفسية، وغياب الروح من أشد الأمراض التي يمكن أن تصيب الفرد والأمة، فلا بديل أمامنا من مقاومته، والتصدي له، ووضع هدف «عودة الروح» على أعلى سلم الأولويات، وبخاصة لدى قلب الأمة النابض ألا وهم «الدعاة إلى الله» وكل من يعمل في حقل الدعوة.
إن الأمل في نهوض الأمة من كبوتها قائم ما تعاقب الليل والنهار ...
ستظل الشمس بإشراقها كل يوم تذكرنا بأن ربنا قدير، وأن قدرته لا حدود لها، وأنه وحده الذي يدير هذا الكون، ويدبر أمر كل حركة وسكنة فيه، وأن مقاليد الأمور وأزمتها جميعًا بيده ..
لا تزال السماء مرفوعة بلا عمد، يمسكها الله عز وجل فنرى من خلالها آثار قدرته وقوته غير المتناهية، لتتضاءل في أعيننا أي قوة أرضية وهمية لجبار متعجرف ..
لا يزال وعد ربنا الحق بالتمكين للمؤمنين وبنشر نوره على العالمين قائمًا، ولا يزال نصره قريب في انتظار من يستحقه.
مع اليقين الجازم بأنه وإن كان الأمل قائما ما دام الليل والنهار إلا إنه يحتاج إلى أهل العزيمة والإيمان لكي يصبح واقعا مشهودا، وعندما يتأخر النصر فما علينا إلا أن نلوم أنفسنا، ولا نعتذر بالقضاء والقدر، بل نجتهد في استكمال ما ينقصنا حتى نكون -بإذن الله- مهيئين لاستقباله.
من هنا نقول- بيقين-: إن المفتاح الأعظم للوصول للمعالي هو التوكل العميق الوثيق على ربنا جل شأنه، ثم وجود الرغبة والعزيمة الأكيدة والتصميم الجازم للوصول إليها، وعندما تصاب العزائم بالخور والضعف فلا نهوض للفرد ولا للأمة مهما امتلكت من إمكانات.
لذلك لا ينبغي علينا أن نعتذر بالقضاء والقدر لتبرير أي فشل يصيبنا، بل علينا أن نلوم أنفسنا .. نلوم إرادتنا وعزائمنا ... نلوم صدقنا في طلب المعالي.
يقول محمد إقبال: المسلم الضعيف يعتذر دائمًا بالقضاء والقدر، أما المؤمن القوى فهو بنفسه قضاء الله الغالب، وقدره الذي لا يرد (?).
تفاءل تفاءل ولا تيأَسَنْ ... ولا تعتذر بالقضا والقدر
إذا المرء يومًا أراد العلا ... فلابد أن يستحِثَّ السِّيرَ