وتخطيت بها إلى الحسب، لأن أدب المعرفة إذا انفرد عن أدب النفس، وكرم الخلق= كان عائبه والقادح فيه أكثر من واصفه ومطريه، وقد جمع الله لك من ذلك ما هو متفرقٌ في غيرك، وجعلك ممن يكاثر به ويفاخر، فتعلو يد من يناضل، ولسان من ينطق بفضله، فوهب الله لك شكراً يكافئ نعمه، ويفي بإحسانه.
1248- وله إلى أبي نجدة الشاعر: أما الشعر، فلسنا نساجلك فيه، ولا نركب مضمارك في ما قل أو كثر منه، ولو أيدنا بخلاء الذرع، ورحب السرب، واتساع الوقت، مع المهل والروية، فكيف على الارتجال والبديهة؟ لأنا نرى الاعتراف للمبرز فضيلةٌ وغموط حقه نقيصةٌ.
1249- وله أيضاً إلى أبي غالبٍ: قد انقضت أيام أهل الأدب، وأفلت نجومهم، حتى صاروا غرباء في أوطانهم، منقطعي الوصل والوسائل، ترتد عنهم الأبصار، وتنبو عنهم القلوب، وإذا شاموا مخيلة مثلك ممن يحسن تآلفهم ورفدهم، فترعى وسائلهم، ثلجت صدورهم، وانبسطت آمالهم، وأمسك ذلك بحشاشاتٍ قد نهكها سوء بلاء الزمان عندهم، فزادك الله من فضله, وزاد بك, واضطرب الصوت بما منحته بعض الشعراء من رفدك ونائلك, فبعث ذلك من آمالٍ كانت خاسئةً, وأيقظ همماً كانت نائمةً, والخير متبعٌ لا زلت من أهله.
1250- وله: وأنا منتظرٌ من نصر الله عز وجل على هذا الباغي, وانتقامه من الظالم= ما ليس ببعيدٍ, وإن كان قومٌ يستدرجون بالإمهال,