وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة وَأهل الْكُوفَة، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: ذهب جمَاعَة من الصَّحَابَة وَغَيرهم إِلَيْهِ. وَعند النَّسَائِيّ بِسَنَد صَحِيح (عَن ابي بن كَعْب: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر: بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَقل هُوَ الله أحد وَلَا يسلم إلاّ فِي آخِرهنَّ) . وَعند التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحَارِث: (عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُوتر بِثَلَاث) .
الْوَجْه الثَّالِث: فِي وَقت الْوتر، وَوَقته وَقت الْعشَاء، فَإِذا خرج وقته لَا يسْقط عَنهُ بل يَقْضِيه. وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : جُمْهُور الْعلمَاء على أَن وَقت الْوتر يخرج بِطُلُوع الْفجْر، وَقيل: إِنَّه يَمْتَد بعد الْفجْر إِلَى أَن يصلى الْفجْر. قَالَ ابْن بزيزة: ومشهور مَذْهَب مَالك أَن يصليه بعد طُلُوع الْفجْر مَا لم يصل الصُّبْح، والشاذ من مذْهبه إِنَّه لَا يُصَلِّي بعد طُلُوع الْفجْر. قَالَ: وبالمشهور من مذْهبه قَالَ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ، وَمن السّلف: ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعبادَة بن الصَّامِت وَحُذَيْفَة وَأَبُو الدَّرْدَاء وَعَائِشَة. وَقَالَ طَاوُوس: يُصَلِّي الْوتر بعد صَلَاة الصُّبْح، وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن وَاللَّيْث: يُصَلِّي وَلَو طلعت الشَّمْس، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: يُوتر من الْقَابِلَة، وَفِي (المُصَنّف) : عَن الْحسن قَالَ: لَا وتر بعد الْغَدَاة، وَفِي لفظ: (إِذا طلعت الشَّمْس فَلَا وتر) ، وَقَالَ الشّعبِيّ: من صلى الْغَدَاة وَلم يُوتر فَلَا وتر عَلَيْهِ، وَكَذَا قَالَه مَكْحُول وَسَعِيد بن جُبَير.
199 - وعَنْ نافِعٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ كانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ والرَّكْعَتَيْنِ فِي الوِتْرِ حَتَّى يَأمُرَ بِبَعْضِ حاجَتِهِ.
قَالَ بَعضهم: وَهُوَ مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الأول، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ مُعَلّق، وَلَو كَانَ مُسْندًا لم يفرقه، وَإِنَّمَا فرقه لأمرين: أَحدهمَا: أَنه كَانَ سمع كلا مِنْهُمَا مفترقا عَن الآخر. وَالْآخر: أَنه أَرَادَ الْفرق بَين الحَدِيث والأثر، وَهَذَا مَا رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع أَن ابْن عمر ... إِلَى آخِره، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن أبي وهب عَن مَالك، وَأخرجه أَيْضا عَن صَالح بن عبد الرَّحْمَن عَن سعيد بن مَنْصُور: حَدثنَا هشيم عَن مَنْصُور (عَن بكر بن عبد الله، قَالَ: صلى عمر رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قَالَ: يَا غُلَام أرحل لنا، ثمَّ قَامَ فأوتر بِرَكْعَة) . قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَفِي هَذِه الْآثَار أَنه كَانَ يُوتر بِثَلَاث، وَلَكِن يفصل بَين الْوَاحِدَة والاثنتين. فَإِن قلت: هَذَا يُؤَيّد مَذْهَب من قَالَ: إِن الْوتر رَكْعَة وَاحِدَة. قُلْنَا: إِن ابْن عمر لما سَأَلَهُ عقبَة بن مُسلم عَن الْوتر فَقَالَ: أتعرف وتر النَّهَار؟ فَقَالَ: نعم، صَلَاة الْمغرب. قَالَ: صدقت، أَو أَحْسَنت، فَهَذَا يُنَادي بِأَعْلَى صَوته أَن الْوتر كَانَ عِنْد ابْن عمر ثَلَاث رَكْعَات كَصَلَاة الْمغرب، فَالَّذِي روى عَنهُ مِمَّا ذكرنَا فعله، وَهَذَا قَوْله وَالْأَخْذ بالْقَوْل أولى لِأَنَّهُ أقوى، وَقد قُلْنَا: إِن الْحسن الْبَصْرِيّ حكى إِجْمَاع الْمُسلمين على الثَّلَاث بِدُونِ الْفَصْل.
299 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ مَخْرَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ عنْ كُرَيْبٍ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ أنَّهُ باتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهْيَ خالَتُهُ فاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوِسَادَةِ واضْطَجَعَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأهْلُهُ فِي طُولِهَا فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أوْ قَرِيبا مِنْهُ فاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عنْ وَجْهِهِ ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آياتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألَى شَنٍّ مُعَلقَةٍ فَتَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ قامَ يُصَلِّي فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ فَقُمْتُ إلَى جَنْبِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأسِي وَأخَذَ بِأذُنِي يَفْتِلُهَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أوْتَرَ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جاءَهُ المُؤَذِّنُ فقامَ فَصلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ..
إِنَّمَا ذكر هَذَا الحَدِيث هَهُنَا بعد أَن ذكره فِي عدَّة مَوَاضِع فِي: الْعلم وَالطَّهَارَة وَالْأَمَانَة والمساجد وَغَيرهَا، لِأَن فِيهِ تعلقا بالوتر، وَهُوَ قَوْله: (ثمَّ أوتر) ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى، ولنذكر هَهُنَا مَا لم نذكرهُ. قَوْله: (أَنه بَات عِنْد مَيْمُونَة) ، وَزَاد شريك بن أبي نمر: (عَن كريب عِنْد مُسلم فرقبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَيفَ يُصَلِّي) . وَزَاد أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه)