من هَذَا الْوَجْه: بِاللَّيْلِ، وَلمُسلم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: (بَعَثَنِي الْعَبَّاس إِلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .) وَزَاد النَّسَائِيّ من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت (عَن كريب: فِي إبل أعطَاهُ إِيَّاهَا من الصَّدَقَة) . وَلأبي عوَانَة من طَرِيق عَليّ بن عبد الله ابْن عَبَّاس عَن أَبِيه: (أَن الْعَبَّاس بَعثه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة فَوَجَدَهُ جَالِسا فِي الْمَسْجِد، فَلم استطع أَن ُأكَلِّمهُ، فَلَمَّا صلى الْمغرب قَامَ فَرَكَعَ حَتَّى أذن الْمُؤَذّن بِصَلَاة الْعشَاء) ، وَلابْن خُزَيْمَة من طَرِيق طَلْحَة بن نَافِع عَنهُ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعد الْعَبَّاس ذودا من الْإِبِل، فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ بعد الْعشَاء وَكَانَ فِي بَيت مَيْمُونَة) . فَإِن قلت: هَذَا يُخَالف مَا قبله؟ قلت: يحْتَمل على أَنه لما لم يكلمهُ فِي الْمَسْجِد أَعَادَهُ إِلَيْهِ بعد الْعشَاء. ولمحمد بن نصر فِي (كتاب قيام اللَّيْل) من طَرِيق مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن نويفع، (عَن كريب من الزِّيَادَة، فَقَالَ لي: يَا بني، بت اللَّيْلَة عندنَا) . وَفِي رِوَايَة حبيب بن أبي ثَابت: (فَقلت: لَا أَنَام حَتَّى أنظر إِلَى مَا يصنع) ، أَي فِي صَلَاة اللَّيْل، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن مخرمَة (فَقلت لميمونة: إِذا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأيقظيني) . قَوْله: (فِي عرض الوسادة) ، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْوَلِيد الْمَذْكُورَة: (وسَادَة من أَدَم حشوها لِيف) ، وَفِي رِوَايَة طَلْحَة ابْن نَافِع الْمَذْكُور: (ثمَّ دخل مَعَ امْرَأَته فِي فراشها) ، وَزَاد: (أَنَّهَا كَانَت ليلتئذ حَائِضًا) ، وَفِي رِوَايَة شريك بن أبي نمر عَن كريب فِي (التَّفْسِير) : (فَتحدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَهله سَاعَة) . وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الوسادة المخدة وَالْجمع الوسائد، وَفِي (الْمطَالع: وَقد قَالُوا: إساد ووساد، والوساد مَا يتوسد إِلَيْهِ للنوم. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيد: وَالظَّاهِر أَنه لم يكن عِنْدهمَا فرَاش غَيره، فَلذَلِك باتوا جَمِيعًا فِيهِ. وَالْعرض، بِفَتْح الْعين ضد الطول، وَفِي (الْمطَالع) : وَبَعْضهمْ يضمها وَالْفَتْح أشهر، وَهُوَ النَّاحِيَة والجانب. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: وَهِي الْفراش وَشبهه. قَالَ: وَكَانَ وَالله أعلم مُضْطَجعا عِنْد رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عِنْد رَأسه. قَوْله: (حَتَّى انتصف اللَّيْل أَو قَرِيبا مِنْهُ) وَجزم شريك بن أبي نمر فِي رِوَايَته الْمَذْكُورَة: بِثلث اللَّيْل الْأَخير. فَإِن قلت: مَا التَّوْفِيق بَينهمَا؟ قلت: يحمل على أَن الاستيقاظ وَقع مرَّتَيْنِ، فَفِي الأول: نظر إِلَى السَّمَاء ثمَّ تَلا الْآيَات ثمَّ عَاد لمضجعه فَنَامَ، وَفِي الثَّانِيَة: أعَاد ذَلِك ثمَّ تَوَضَّأ وَصلى، وَفِي رِوَايَة الثَّوْريّ: عَن سَلمَة بن كهيل عَن كريب فِي (الصَّحِيحَيْنِ) : (فَقَامَ من اللَّيْل فَأتى حَاجته ثمَّ غسل وَجهه وَيَديه ثمَّ قَامَ فَأتى الْقرْبَة. .) الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة سعيد بن مَسْرُوق عَن سَلمَة عِنْد مُسلم: (ثمَّ قَامَ قومة أُخْرَى) ، وَعِنْده من رِوَايَة شُعْبَة عَن سَلمَة: (فَبَال) ، بدل: (فَأتى حَاجته) . فَإِن قلت: قَرِيبا مَنْصُوب بِمَاذَا؟ قلت: بعامل مُقَدّر نَحْو: صَار اللَّيْل قَرِيبا من الانتصاف. قَوْله: (من آل عمرَان) أَي: من خاتمتها وَهِي {إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض} (آل عمرَان: 091) . إى آخرهَا. قَوْله: (ثمَّ قَامَ إِلَى شن، زَاد مُحَمَّد بن الْوَلِيد: (ثمَّ استفرغ من الشن فِي إِنَاء ثمَّ تَوَضَّأ) . قَوْله: (معلقَة) إِنَّمَا أنثها بِاعْتِبَار أَن الشن فِي معنى الْقرْبَة. قَوْله: (فَأحْسن الْوضُوء) ، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْوَلِيد وَطَلْحَة بن نَافِع جَمِيعًا: (فأسبغ الْوضُوء) ، وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار عَن كريب: (فَتَوَضَّأ وضُوءًا خَفِيفا) ، وَلمُسلم من طَرِيق عِيَاض عَن مخرمَة: (فأسبغ الْوضُوء وَلم يمس من المَاء إلاّ قَلِيلا، وَزَاد فِيهَا: (فَتَسَوَّكَ) ، وَفِي رِوَايَة شريك عَن كريب: (فاستن) . قَوْله: (ثمَّ قَامَ يُصَلِّي) ، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْوَلِيد: (ثمَّ أَخذ بردا لَهُ حضرميا فتوشحه، ثمَّ دخل الْبَيْت فَقَامَ يُصَلِّي) . قَوْله: (فَأخذ بأذني) زَاد مُحَمَّد بن الْوَلِيد فِي رِوَايَته: (فَعرفت أَنه إِنَّمَا صنع ذَلِك ليؤنسني بِيَدِهِ فِي ظلمَة اللَّيْل) . وَفِي رِوَايَة الضَّحَّاك بن عُثْمَان: (فَجعلت إِذا أغفيت أَخذ بشحمة أُذُنِي) . قَوْله: (فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ) ، وَفِي رِوَايَة هَذَا الْبَاب ذكر الرَّكْعَتَيْنِ سِتّ مَرَّات، ثمَّ قَالَ: (ثمَّ أوتر) ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنه صلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة سَلمَة الْآتِيَة فِي الدَّعْوَات، حَيْثُ قَالَ: (فتتامت) ، وَلمُسلم: (فتكاملت صلَاته ثَلَاث عشرَة رَكْعَة) . وَظَاهر هَذَا أَنه فصل بَين كل رَكْعَتَيْنِ، وَوَقع التَّصْرِيح بذلك فِي رِوَايَة طَلْحَة بن نَافِع حَيْثُ قَالَ فِيهَا: (يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ) ، وَلمُسلم من رِوَايَة عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس التَّصْرِيح بِالْفَصْلِ أَيْضا، وَقد ورد عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة بروايات مُخْتَلفَة، وَكَذَلِكَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: إِذا جمعت مَعَاني هَذِه الْأَحَادِيث تذل على أَن وتره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ثَلَاث رَكْعَات. قَوْله: (ثمَّ اضْطجع حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذّن فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ) ، قَالَ القَاضِي: فِيهِ أَن الِاضْطِجَاع كَانَ قبل رَكْعَتي الْفجْر، وَفِيه رد على الشَّافِعِي فِي قَوْله: إِنَّه كَانَ بعد رَكْعَتي الْفجْر، وَذهب مَالك وَالْجُمْهُور إِلَى أَنه بِدعَة. قَوْله: (ثمَّ خرج) أَي: إِلَى الْمَسْجِد فصلى الصُّبْح بِالْجَمَاعَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015