المرسومة، وبين الوثائق التاريخية التي نقلت هذه الحقائق والأصول والقواعد واللغة المعبرة عن تلك الوثائق، والمنطق الذي يوجه هاتيك اللغة ...
هذا كتاب الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يدرس اليوم بأقلام المستشرقين ومقلديهم من ناشئتنا أحيانًا وقادة الفكر فينا أحيانًا أخرى كما يدرس أي كتاب وضعي لا صلة له بالسماء، فتحشد له الأحكام صريحة عارية، وتلقى عليه الأضواء كشافة ساطعة، وَتُخْضَعَ مَبَاحِثُهُ كلها لطرائق الدراسة العلمية الموضوعية التي يريدها العقل الغربي أو «المستغرب»، شكاكة مرتابة، أو قل مترددة حيرى.
على هذا الأساس غير الفطري، وبهذا المنطق غير الوجداني، وفي نطاق هذا البحث غير الإنساني الأصيل، درس الدارسون القرآن الكريم، وَوَدُّوا لَوْ يلمسون حقائقه بأيديهم، ويتبعون تنرلاته بأبصارهم، ويتعقبونه في مكيه ومدنيه، وناسخه ومنسوخه، وجمعه وترتيبه، وتأويله وتفسيره، ولقد حفظه الذي أنزله من عبث أولئك العابثين، مصداقًا لقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
فإن يك هذا شأن القرآن، كتاب الله، فلا عجب أَنْ تَخْلُصَ هذه الدراسة النقدية العلمية إلى الحديث النبوي، تماري في أصوله وطرق نقله وحفظه وتلوينه، ومصطلحات علومه وفنونه، وتشكك في صحته مثلما شككت زَمَنًا غير قليل في صحة الشعر الجاهلي. ولا ريب أن السلاح الثقيل لا يفله إلا السلاح الثقيل، وأن الشبهات التي يثيرها العدو العليم أو الصديق الجهول لا تعالج