الآخر وذكر الله كثيرًا}، ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلى البشر همة على الإطلاق، وكان أشجع الناس، وأقواهم قلبًا، وأثبتهم جَنانًا، وقد حضر المواقف الصعبة المشهورة، وفرَّ الكماة والأبطال عنده غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة أو فترة، سواه، فإنه لم يفر قط، وحاشاه من ذلك، ثم حاشاه، قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}.
وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قِبَلَ الصوت، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعًا، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري وفي عنقه السيف، وهو يقول: "لم تراعوا ... لم تراعوا") (?).
وقال على رضي الله عنه: (كنا إذا اشتد البأس، واحمرت الحَدَقُ، اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي - صلى الله عليه وسلم-، وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا) (?)، وقيل: "كان الشجاع هو الذي يقرب منه - صلى الله عليه وسلم - إذا دنا العدو لقربه منه"، وقال عمران بن حصين: "ما لقي - صلى الله عليه وسلم - كتيبة إلا كان أول من يضرب".
وكذلك الشجعان في أمته والأبطال لا يُحْصَوْنَ عدة، ولا يحاط بهم كثرة، سيما أصحابه المؤيدين الممدوحين في التنزيل بقوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشِدَّاءُ على الكفار رحماءُ بينهم}.