* فأشجع الصحابة -وكلهم رضي الله عنهم شجعان- وأفضلهم، بل أفضل البشر جميعًا بعد الأنبياء، خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق رضي الله عنه، هكذا شهد له علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أشجع الناس، وصدق رضي الله عنه فقد كان أثبتهم قلبًا، وأقواهم جَنانًا، وحسبك من ذلك ثبات قلبه يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الخندق، ويوم الحديبية، ويوم حنين، بل ثبات قلبه وتثبيته المسلمين عند الخطب الأعظم، والأمر الأفخم بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وكذا عزمه في قتال من ارتد حينئذ، فتلك الشجاعة التي تضاءلت لها فرسان الأمم، والهمة التي تنازلت لها أعالي الهمم.
* ومنهم الفاروق ناصر الدين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي بلغ من الشجاعة والهمة الكبرى أقصى الغايات وأعلى النهايات، والأخبار في قوته في الدين وشدته على المشركين كثيرة مشهورة.
* وهذا الليث الحصَّار، والغيث المدرار، ومفرق كتائب المشركين، والآتي من أنواع الشجاعة بما أوجب في المتعجبين أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه (كان درعه صدرًا لا ظهر له، فقيل له: "ألا تخاف أن تؤتى مِن قبل ظهرك؟ "، فقال: "إن أمكنت عدوي من ظهري، فلا أبقى الله عليه، إن أبقى عليَّ" رواه ابن عساكر، وذكر ابن عبد البر في صفته أنه: "كان إذا أمسك بذراع رجل، لم يستطع أن يتنفس"، وأخبار شجاعته وعلو همته كثيرة مشهورة.
* ولما استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه رضي الله عنهم فِي القتال في