1- أما شعبة "الفونيتيك", فيرجع الفضل في النهوض بها إلى طائفة كبيرة من العلماء في أواخر القرن التاسع عشر, وأوائل القرن العشرين, وخاصة مدرسة "المحدثين من علماء القواعد Neo-Grammairiens, التي سبقت الإشارة إليها1. فقد وجد أعضاء هذه المدرسة في مسائل "الفونيتيك"، ما يؤيد مذهبهم في "جبرية الظواهر اللغوية2"، فخصّوا هذه الشعبة بعنايتهم, ووجهوا نحوها قسطًا كبيرًا من جهودهم، فبلغوا بها شأوًا راقيًا, وكشفوا عن الأسباب الصحيحة التي يرجع إليها تطور الأصوات اللغوية, ومن أشهر المبرزين في هذه الحلبة من أعضاء هذه المدرسة وغيرهم:
ليسكين Leskien, وبروجمان رضي الله عنهrugmann, وأستوف Ostoff, وهرمان -بول Hermann-Paul. وأربعتهم من أقدم الأعضاء الألمان لمدرسة "المحدثين من علماء القواعد", وإلى رابعهم يرجع النصيب الأكبر من الفضل في توجيه الأنظار إلى أثر التغيرات الجسمية الخاصة بأعضاء النطق في تطور اللغة من ناحيتها الصوتية, وقد مهَّد بذلك السبيل إلى علم الفونيتيك التجريبي, الذي أشرنا إليه فيما سبق3.
وحاستون باريس Caston Paris, وهو أول فرنسي فكَّر في إنشاء معمل للتجارب المتعلقة بدراسة الأصوات, وقد أنشأه بالكوليج دو فرانس College de France, وإلى جهوده العظيمة في دراسة تطور الأصوات في اللغات الرومانية -وهي اللغات المتفرعة من اللاتينية- يرجع أكبر قسط من الفضل في النهوض بهذه الشعبة, وفي تأييد نظرية "المحدثين من علماء القواعد".
وبول باسي Paul Passy, الذي تُعَدُّ بحوثه في التطورات الصوتية وعواملها من أجل ما ألف في هذه الشعبة4.