أنه اعتدل في معاملته لغيره فلم يظلم ولم يتعد حدود حقه في مظلمته، أما العدالة في ميدان الحكم فقد جاء الثناء على العادل ووعد الله له بالمكافأة الجزيلة في الآخرة؛ لأن العدالة هنا منتهى الأخلاق وعدمها منتهى الظلم، وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن والسنة تدعو الحكام إليها وتشوقهم وتحرضهم عليها وتنذرهم من الخروج على العدالة بالعقاب والعذاب الأليم، من هذه النصوص قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} 1, {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ} 2, {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 3.
وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم: "من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب جوره العدل فله النار" 4, وقال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة الله ... " 5. وقال: "أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال" 6.
وهكذا نجد الفرق بين المقامين مقام الحكم ومقام المعاملة العادية، ولقد فرق الدكتور "محمد عبد الله دراز" أيضا بين المقامين فقال: "فمقام الحكم هو مجال العدل الدقيق الصارم ومقام المعاملة هو مجال العفو والمسامحة والمكارمة والمجاملة"7.