التعامل الاجتماعي، فالأولى الأثرة: وهي مذمومة عموما إلا فيما يتعلق باسترداد الحقوق؛ لأن الأمر إذا كان متعلقا بالمال فاسترداد المرء لأكثر من حقه ظلم لأنه يعتبر غصبا أو ربا, والثانية: الإيثار وهو التجاوز عن حقه أو بعضه وهذا فضيلة؛ لأنه صدقة، والثالثة: العدالة وهي أن يأخذ حقه دون زيادة أو نقصان وهذا ليس بفضيلة ولا برذيلة، ولهذا ذم الله السلوك الأخلاقي الأول وأشاد بالثاني وسكت عن الثالث في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ, وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ, إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 1. ونجد الروح نفسها في آية الربا قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ, فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ, وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 2, وأوضح من هذا كله قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 3.
هذا دليل نقلي والدليل العقلي يقتضي أيضا ألا يكون في العدالة فضيلة وقيمة أخلاقية في هذا المجال؛ لأنه لم يفعل شيئا سوى أن أخذ حقه كاملا، فالفضيلة تأتي من الإيثار وليس في ذلك إيثار ولا عمل من أجل الغير اللهم إلا