والسخاء وسط بين الإسراف والبخل، والحلم وسط بين الشراسة والفتور وهكذا1، ولقد أخذ بهذا الرأي معظم المفكرين الإسلاميين الذين درسوا الأخلاق.
غير أننا نلاحظ أن هذا المعيار لا يمكن أن يكون عاما بحيث ينطبق على جميع الأعمال الأخلاقية؛ لأننا نجد أعمالا أخلاقية ليست وسطا لأعمال أخرى مثل: الصدق له مقابل واحد وهو الكذب وكذلك الحق والباطل إذن ليس من الضروري أن تكون كل فضيلة وسطا بين فعلين كلاهما رذيلة, على أن "أرسطو" قد أدرك عدم شمول هذا المعيار لجميع الأفعال الأخلاقية، ولهذا استثنى منه الأفعال التي لا وسط لها مثل: الحسد والصدق والزنا وما إلى ذلك من الأمور2.
ومنها مذهب التكيف البيئي الذي نادى به "اسبنسر", ويرى أن المعيار الأخلاقي هو التوافق مع البيئة، فكلما كان الفعل أكثر اتفاقا مع البيئة كان أكثر أخلاقية؛ لأن التوافق خير وعدم التوافق شر، فالأول ينتج اللذة والسرور, والثاني ينتج الألم والشقاء3.
ومنها المذهب الواقعي والتجريبي الذي يرى أن معيار العمل الأخلاقي هو التجربة فهي التي تميز بين العمل الأخلاقي وغير الأخلاقي، أي: أننا لكي نعرف أن هذا العمل أو ذاك أخلاقي أو غير أخلاقي، نجربه عمليا، فإذا جلب لنا نفعا ماديا أو معنويا فهو أخلاقي، وإذا جلب لنا ألما حسيا أو معنويا فهو غير أخلاقي4.