فالإنسان في رأي هؤلاء آخر حلقة من حلقات تطور الكائنات الحية, ولهذا فهو أرقى كائن حي أو هو أرقى حيوان، وللاستدلال على ذلك يعقدون المقارنة بينه وبين القردة العليا مثل: الشمبانزي والغوريلا لوجود التشابه بينهما باعتبار القرد آخر سلم التطور الحيواني قبل الإنسان, والمقارنة بين القردة العليا والإنسان يمكن أن نقسمها إلى قسمين: الأول في الجانب الجسمي, والثاني في الجانب السيكولوجي أو الروحي، وسوف أركز معالجتي على هذا الجانب الأخير؛ لأنني أرى أن تمايز الإنسان من حيث كونه نوعا مستقلا عن الحيوان يظهر أكثر وضوحا عند المقارنة بهذا الجانب الأخير1.

إن الفارق الروحي بين الإنسان والقرد هو أهم فارق, وهو يعد حلقة من أهم الحلقات المفقودة، وأكبر فجوة من الفجوات التي لم تستطع الآثار والدراسات الحديثة أن تكملها أو تملأها حتى الآن، ولم يستطع علماء الأحياء أن يؤكدوا وجود أصل حيواني لروح الإنسان2, ثم إن داروين نفسه اعترف بوجود ثغرات واسعة في نظريته تنتظر من يسد خلتها3, كما اعترف بأنه يتكلم عن الأطوار التي تؤثر في جسد الإنسان ولا شأن له بما عدا ذلك من الملكات الروحية التي يقررها له الدين4.

والملكات الروحية أو النفسية في الإنسان كما يقررها علماء النفس والتربية هي: الإدراك والتذكر والخيال والشعور واللاشعور والتوقع والإحساس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015