{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة: 29] ، وصرّح في عدة آيات بأنه سخر للناس ما في السموات وما في الأرض، ولا يكون ما في الأرض مخلوقا للناس ومسخراً لهم إلا إذا كان مباحا لهم، لأنه لو كان محظورا عليهم ما كان لهم.
حجيته:
الاستصحاب آخر دليل شرعي يلجأ إليه المجتهد لمعرفة حكم ما عرض له ولهذا قال الأصوليون: إنه آخر مدار الفتوى وهو الحكم على الشيء بما كان ثابتا له مادام لم يقم دليل يغيره. وهذا طريق في الاستدلال قد فطر عليه الناس وساروا عليه في جميع تصرفاتهم وأحكامهم. فمن عرف إنساناً حياً حكم بحياته وبني تصرفاته على هذه الحياة، حتى يقوم الدليل على وفاته، ومن عرف فلانة زوجة فلان شهد بالزوجية ما دام لم يقم له دليل على انتهائها. وهكذا كل من علم وجود أمر حكم بوجوده حتى يقوم الدليل على عدمه، ومن علم عدم أمر حكم بعدمه حتى يقوم الدليل على وجوده.
وقد درج على هذا القضاء، فالملك الثابت لأي إنسان بسبب من أسباب الملك يعتبر قائما حتى يثبت ما يزيله. والحل الثابت للزوجية بعقد الزواج يعتبر قائما حتى يثبت ما يزيله. والذمة المشغولة بدين أو بأي التزام تعتبر مشغولة به حتى يثبت ما يخليها منه. والذمة البريئة من شغلها بدين أو التزام تعتبر بريئة حتى يثبت ما يشغلها. والأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره.
وعلى هذا الاستصحاب بنيت المادة (180) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ونصها: "تكفي الشهادة بالدين وإن لم يصرح ببقائه في ذمة المدين، وكذا الشهادة بالعين"، والمادة (181) منها ونصها: "تكفي الشهادة بالوصية أو الإيصاء وإن لم يصرح بإصرار الموصي إلى وقت الوفاة"
وعلى الاستصحاب بنيت المبادئ الشرعية الآتية:
- الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره.
- الأصل في الأشياء الإباحة.
- ما ثبت باليقين لا يزول بالشك.
- الأصل في الإنسان البراءة.