{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178] .
ومما تقدم يتبين أمران:
أولهما: أن كل حدّ من الحدود الشرعية فيه حق لله، أي للمجتمع، ولكن هذا الحق قد يكون خالصاً، وقد يكون معه حق للفرد، إما راجحاً وأما مرجوحاً.
وثانيهما: أن الشريعة الإسلامية تفترق والنظرية الجنائية في قوانيننا الوضعية في عقوبة القصاص من القاتل العامد، وفي عقوبة الزوجة التي ثبت زناها.
ففي عقوبة القصاص من القاتل العامد:
الشريعة الإسلامية جعلت هذه العقوبة فيها حق للمجني عليه وهو ولي المقتول، وفيها حق الله أي المجتمع، وجعلت حق المجني عليه أرجح، ورتبت على أن فيها حقاً راجحاً للمجني عليه أنها جعلت الحق له في رفع الدعوى بطلب الحكم بالقصاص، وجعلت له الحق إذا حكم بالقصاص أن يعفو، وأن يتولى التنفيذ. ورتبت على أن فيها حقاً لله وأن للحكومة في حال عفو المجني عليه أن تعاقب الجاني بما تراه رادعاً له ولغيره، لأن نزول أحد صاحبي الحق عن حقه لا يسقط حق الآخر.
وأما القوانين الوضعية فقد جعلت هذه العقوبة حقاً خالصاً للمجتمع، وجعلت رفع الدعوى على القاتل من اختصاص النيابة العمومية، ولا يملك المجني عليه عفواً ولا مباشرة تنفيذ، وحق العفو ومباشرة التنفيذ هو لولي الأمر العام.
وفي عقوبة الزوجة التي ثبت زناها:
الشريعة الإسلامية جعلت هذه العقوبة حقاً خالصاً لله أي للمجتمع، وجعلت رفع الدعوى على الزانية من اختصاص النيابة العمومية، وتنفيذ الحكم من اختصاص السلطة التنفيذية، ولا يملك زوجها ولا أي فرد غيره وقف إجراءات الدعوى عليها، ولا وقف تنفيذ الحكم عليها بعد صدوره.
وأما في القوانين الوضعية، فلا ترفع الدعوى إلا بشكوى