وأما الأمر الحاجي:
فهو ما تحتاج إليه الناس لليسر والسعة، واحتمال مشتاق التكليف، وأعباء الحياة، وإذا فقد لا يختل نظام حياتهم ولا تعم فيهم الفوضى، كما إذا فقد الضروري، ولكن ينالهم الحرج والضيق.
والأمور الحاجية للناس بهذا المعنى ترجع إلى رفع الحرج عنهم، والتخفيف عليهم ليحتملوا مشاق التكليف، وتيسر لهم طرق التعامل والتبادل وسبل العيش.
وأما التحسيني:
فهو ما تقتضيه المروءة والآداب وسير الأمور على أقدام منهاج، وإذا فقد لا تختل حياة الناس كما إذا فقد الأمر الضروري، ولا ينالهم حرج، كما إذا فقد هذا الأمر الحاجي، ولكن تكون حياتهم مستنكرة في تقدير العقول الراجحة والفطر السليمة.
والأمور التحسينية للناس بهذا المعنى ترجع إلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وكل ما يقصد به سير الناس في حياتهم على أحسن منهاج.
ما الذي شرعه الإسلام للأمور الضرورية للناس؟
الأمور الضرورية للناس كما قدمنا ترجع إلى خمسة أشاء: الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، وقد شرع الإسلام لكل واحد من هذه الخمسة أحكاماً تكفل إيجاده وتكوينه، وأحكاماً تكفل حفظه وصيانته، وبهذين النوعين من الأحكام حقق للناس ضرورياتهم.
فالدين هو مجوع العقائد والعبادات والأحكام والقوانين التي شرعها الله سبحانه لتنظيم علاقة الناس بربهم، وعلاقاتهم بعضهم ببعض. وقد شرع الإسلام لإيجاده وإقامته: إيجاب الإيمان وأحكام القواعد الخمس التي بني عليها الإسلام، وهي: شهادة أن لا اله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإيقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وسائر العقائد، وأصول العبادات، التي قصد الشارع بتشريعها، إقامة الدين ووتثبيته في القلوب باتباع الأحكام التي لا يصلح الناس إلا بها، وأوجب الدعوة إليه، وتأمين الدعوة إليه من الاعتداء