فكل حكم من أحكام الشارع فهو لابد متعلق بفعل من أفعال المكلفين على جهة الطلب، أو التخيير، أو الوضع.
ومن المقرر أنه لا تكليف إلا بفعل، أي أن حكم الشارع التكليفي لا يتعلق إلا بفعل المكلف.
فإذا كان حكم الشارع إيجابا أو ندبا فالأمر واضح، لأن متعلق الإيجاب فعل الواجب على سبيل الحتم، ومتعلق الندب فعل المندوب لا على سبيل الحتم والإلزام، فالتكليف في الحالتين بفعل. وإذا كان الشارع تحريما أو كراهة فالمكلف به في الحالتين هو فعل أيضا، لأنه هو كف النفس عن فعل المحرم أو المكروه، فمعنى قولهم: "لا تكليف إلا بفعل"، أن الفعل يشمل الكف، أي المنع للنفس عن فعل. وبهذا تكون جميع الأوامر والنواهي متعلقة بأفعال المكلفين، ففي الأوامر: المكلف به: فعل المأمور به، وفي النواهي: هو الكف عن المنهي عنه.
شرط صحة التكليف بالفعل: يشترط في الفعل الذي يصح شرعا التكليف به ثلاثة شروط:
أولها: أن يكون معلوماً للمكلف علماً تاماً حتى يستطيع المكلف القيام به كما طلب منه، وعلى هذا فنصوص القرآن المجملة؛ أي التي لم يبين المراد منها، لا يصح تكليف المكلف بها إلا بعد أن يلحق بها بيان الرسول عليه الصلاة والسلام.
فقوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [البقرة: 43] ، لم يبين النص القرآني أركان الصلاة وشروطها وكيفية أدائها، فكيف يكلف بالصلاة من لا يعرف أركانها وشروطها وكيفية أدائها؟ لذلك بين الرسول عليه الصلاة والسلام هذا المجمل وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي".
وكذلك الحج والصوم والزكاة وكل فعل تعلق به خطاب من الشارع مجمع لا يعلم مراد الشارع به، لا يصح التكليف به ولا مطالبة المكلفين بامتثاله إلا بعد