وإنما سمي الحكم الوضعي، لأن مقتضاه وضع أسباب لمسببات، أو شروط لمشروطات، أو موانع من أحكام.
ويؤخذ مما تقدم أن الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي من وجهين:
أحدهما: أن الحكم التكليفي مقصود به طلب فعل من المكلف أو كفه عن فعل، أو تخييره بين فعل شيء والكف عنه، وأما الحكم الوضعي فليس مقصودا به تكليف أو تخييراً، وإنما المقصود به بيان أن هذا الشيء سبب لهذا المسبب، أو أن هذا شرط لهذا المشروط، أو أن هذا مانع من هذا الحكم.
وثانيهما: أن ما طلب فعله أو الكف عنه، أو خير بين فعله وتركه بمقتضى الحكم التكليفي لابد أن يكون مقدورا للمكلف، وفي استطاعته أن يفعله وأن يكف عنه لا تكليف إلا بمقدور، ولا تخيير إلا بين مقدور ومقدور.
وأما ما جعل سببا أو شرطا أو مانعا، فقد يكون أمراً في مقدور المكلف بحيث إذا باشره ترتب عليه أثر، وقد يكون أمراً ليس في مقدور المكلف بحيث إذا وجد ترتب عليه أثره.
فمما جعل سبباً وهو مقدور المكلف: صيغ العقود والتصرفات، وجميع الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات، بحيث إذا باشر المكلف عقدا أو تصرفا ترتب عليه حكمه، وإذا ارتكب جريمة استحق عقوبتها.
ومما جعل شرطا وهو مقدور المكلف: إحضار شاهدين في عقد الزواج لصحة العقد، وإبلاغ القدر المسمى مهرا إلى عشرة دراهم لصحة تسمية المهر، وتعيين الثمن والأجل في البيع لصحة العقد.