علل النحو (صفحة 147)

يقوم مقَامه - وَهُوَ الْمصدر - لَا يجوز أَن تُقِيمهُ مقَام الْفَاعِل حَتَّى تغيره وتنقله إِلَى حكم الْمَفْعُول.

وَاعْلَم أَن الْفِعْل الَّذِي لَا يتَعَدَّى يجوز أَن تعديه بِإِدْخَال الْهمزَة على أَوله، كَقَوْلِك: ذهب زيد، ثمَّ تَقول: أذهب زيد، وَيجوز أَن تعديه بِحرف الْجَرّ، فَتَقول: ذهب زيد بِعَمْرو، وَهَذَانِ القسمان يطردان، وَيجوز أَن تعديه بتَشْديد عين الْفِعْل، كَقَوْلِك: عرف زيد عمرا، وَتقول: عرفت زيدا عمرا، فَإِذا عديت الْفِعْل بِحرف جر فلك أَن تقيم الِاسْم الْمَجْرُور مَعَ الْحَرْف مقَام الْفَاعِل، كَقَوْلِك: ذهبت بزيد، فَإِن ذكرت بعده ظرفا أَو مصدرا فَأَنت بِالْخِيَارِ، إِن شِئْت أَقمت الظّرْف والمصدر مقَام الْفَاعِل، فَصَارَ مَوضِع حرف الْجَرّ مَعَ الْمَجْرُور نصبا، وَإِن شِئْت أَقمت حرف الْجَرّ مَعَ الِاسْم مقَام الْفَاعِل ونصبت الظّرْف والمصدر، وَإِنَّمَا كنت بِالْخِيَارِ لِأَن الِاسْم الْمَجْرُور إِنَّمَا يحسن أَن تُقِيمهُ مقَام الْفَاعِل بِأَن تقدره تَقْدِير اسْم غير مجرور، كَأَنَّك قلت: أذهب زيد، إِذا كَانَت الْبَاء والهمزة تقومان مقَاما وَاحِدًا، فَلَمَّا كَانَ الْمَجْرُور يحْتَاج إِلَى تَقْدِير فعل، كَمَا تحْتَاج الظروف والمصادر، اسْتَوَى حكمهَا، فَلهَذَا صَارَت بِالْخِيَارِ، وَإِن كَانَ مَعَ الْمَجْرُور اسْم لَيْسَ بظرف وَلَا مصدر، لم يجز أَن تقيم الْمَجْرُور مَعَ حرف الْجَرّ مقَام الْفَاعِل، كَقَوْلِك: أعطي لزيد دِرْهَم، فَإِنَّمَا لم يجز ذَلِك لِأَن الدِّرْهَم مفعول يحْتَاج إِلَى ضرب من النَّقْل، فَوَجَبَ إِذا ذكر الْفَاعِل أَن يسْتَعْمل مَا لَا يحْتَاج إِلَى نقل، إِذْ كَانَ أسبق فِي الحكم مِمَّا يحْتَاج إِلَى نقل، فلهذه الْعلَّة لم يجز أَن تقيم الظروف والمصادر مقَام الْفَاعِل، إِذْ كَانَ مَعهَا مَفْعُولا غير مُسْتَعْمل بِحرف جر، إِذْ كَانَت المصادر والظروف (32 / ب) تحْتَاج إِلَى نقل، وَالْمَفْعُول بِهِ لَا يحْتَاج إِلَى نقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015