غيره فكيف يساوى بيننا وبينكم أو يخص بكرامته من أعرض عنه دون من قصده؟ هذا لا يدخل عقل عاقل.
وبيان ذلك بمعرفة الله تعالى فيما اجتمعنا وإياكم عليه، ومعرفة حالنا وحالكم فى المسألة، وذلك أنا مجمعون على استوائنا وإياكم فى العبودية، بخلاف ملوك الدنيا فان بعض الناس يكون أقرب إليهم من بعض بالقرابة وغيرها، ونحن مجمعون أيضا أنه لا يظلم أحدا من عبيده، بل كل نفس {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286) ، بخلاف ملوك الدنيا فانهم يأخذون مال هذا ويعطون هذا، فإذا كان الأمركذلك فكيف تدعون أنكم أولى بالله منا، ونحن له مخلصون وأنتم به مشركون؟ وكيف يظن به أنه يساوى بين من قصده وحده لا شريك له، ومن قصد غيره وأعرض عنه؟ وهل يظن عاقل أو سفيه برجل من بني آدم خصوصا إذا كان كريما، أن من قصده وضاف عنده يكرهه ولا يضيفه، ويخص بالرضا والكرامة والضيافة من أعرض عنه وضاف عند غيره مع استواء الجميع فى القرب منه والبعد؟ هذا لا يظن فى الآدمى فكيف يظن برب العالمين؟ فتبين بقضية العقل أن ما جاءت به الرسل من الإخلاص هو الموافق للعقل، وما فعل المشركون هو العجاب المخالف للعقل، فيالها من حجة ما أعظمها وأبينها، لكن لمن فهمها كما ينبغى1.